كيف تدرب ابنك على نقد الأفكار الخاطئة ؟!
لعل أكبر تحدي اليوم يواجه الوالدين والمربين هو كيف تدرب ابنك علي نقد الأفكار والعبارات الخاطئة مثل ربط الإسلام بالتطرف أو فكرة أن القرآن لم يذكر الحجاب أو أين الخطأ في العلاقة المثلية والشذوذ أو فكرة أن تناول الحشيشة غير مضرة أو الشرب القليل من الخمر لا يضر وغيرها من الأفكار ، ففي السابق كان الوالدين يستطيعوا السيطرة علي الأفكار التي تصل لأبنائهم لأن الحياة محدودة والمجتمع بسيط ، أما اليوم ومع انتشار شبكات التواصل وسهولة توفر التكنولجيا وانتشار الدعايات اللحظية بات هذا مستحيلا ، فأكبر تحدي تربوي اليوم هو كيف نحافظ علي استقلالية تفكير أبنائنا مع تمسكهم بالمنهج القرآني وسنة النبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة علي العادات والتقاليد الموافقة للشرع
فالتفكير النقدي مهارة مكتسبة وتعني قدرة الإبن علي التحليل وفحص الأفكار والمعلومات قبل قبولها وتبنيها ، وهذه المهارة ينبغي أن نعلمها أبنائنا منذ الصغر ، فعندما نتحاور معهم أو نناقشهم فنسمح لهم بالنقد حتى لو انتقد الإبن الملابس أو الطعام أو الواقع الإجتماعي الذي يعيشه فلا نسكته ونلزمه بالإتباع الأعمى ونقنعه أن نقده هذا مخالف للأدب ، وإنما نحترم رأيه ونناقشه وننمي عنده القدرة علي التحليل والنقد والتشخيص ، فإذا بلغ سن المراهقة ونكون قد نجحنا بتربيته علي نقد الأفكار والواقع وعرضت عليه أفكار الإلحاد أو التطرف أو الإدمان أو التمرد علي الوالدين وعدم طاعتهم أو الهروب من المدرسة أو العنف فإنه يكون قادرا علي تفاديها بقناعة لا بتقليد ، ويكون قادرا علي نقدها وتشغيل عقله للرد علي قائلها فيكون محصنا فكريا ، ولعل أخطر ما يغذي عقول أبنائنا اليوم هي المنتجات التكنولوجية سواء كانت شبكات إجتماعية أو مواقع الكترونية ، ولعل هذا يدعونا إلي تعليم أبنائنا ثلاثة قواعد في التعامل مع الوسائل الدعائية والإعلانية لحمايتهم من الأفكار المنحرفة أو الضالة وهي :
أولا : تبني مفهوم أن الأصل في الدعاية التجارية والإعلانية عدم الصدق لأنها تهدف للترويج ، ولأن السياسة الإعلانية في واقعنا المعاصر لا تعتمد علي الصدق في العرض ، وإنما تعتمد علي التشويق والإثارة ونسبة الصدق فيها قليلة جدا ، ثانيا : أنه ليس كل ما يتم عرضه بالتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي أو باليوتيوب والإنترنت فهو صحيح أو صادق ، فقد يكون مدبلج أو مفبرك أو تمثيل أو معلومة غير صحيحة أو صادقة وكل هذا ينغي أن نعرضه علي أبنائنا ليشاهدوه حتى يفهموا طرق الخداع الإلكتروني ، ثالثا : أنه ليس كل ما يسمعه من معلومات في القنوات الإخبارية فهو صادق وصحيح ، ولو كان صادقا أو صحيحا فقد يكون هو جزء من الحقيقة وليس كلها ، فهذه القواعد الثلاث مهمة لحماية أبنائنا ولكن أغلب الناس وخاصة الشباب والفتيات في الغالب يصدقون ما يشاهدون أو يسمعون في الوسائل الإعلامية ، لأن المعلومة تقدم لهم بطريقة جميلة ومشوقة وسريعة ، وليس الكل لديه معرفة الوصول للحقيقة في أي خبر أو معلومة تعرض عليه ويتتبعها حتى يصل إلي حقيقتها
ولعل السؤال المهم الآن هو كيف أختبر أبني إن كان يملك عقل ناقد تحليلي أم لا ؟ والجواب علي هذه السؤال من خلال خمسة علامات لو توفرت لدي ابنك فيعنى هذا أنه يملك العقلية النقدية ، وهي أولا : أن يتعامل مع من يختلف معه بحوار منطقي ويناقشه في آرائه ، ثانيا : أن يكون لديه استعداد لتغيير وجهة نظره إذا ظهرت له الحقيقة وأقتنع بها ، ثالثا : أن يكون لديه الرغبة في تعلم كل جديد في كل يوم ليزداد معرفة وعلما ، رابعا : أن يكون من اهتمامه البحث في المصادر والمراجع للتأكد من المعلومة ، فكثيرا ما يدس السم بالعسل ، خامسا وأخيرا أن يتعلم فن السؤال مثل : كيف وصلتك هذه المعلومة ؟ هل هذا التحليل شخصي ؟ ماذا يقول المخالفون لهذا الرأي ؟ هل ناقشت أحد عارضك بهذه الفكرة ؟ ماذا قال لك ؟ هل ما تقوله رأي أم حقيقة ؟ وهكذا يتعلم أبنائنا الحصانة الفكرية