في الزواج ثلاث عشرينات .. فما هي ؟
قلت له: أنت ما زلت في العشرين الأولى من عشرينات الزواج، (فاصبر) على مشكلتك الزوجية وأمامك عشرين ثانية وعشرين ثالثة، فنظر إلي متعجبا وقال: وما هي “عشرينات” الزواج؟ فابتسمت وقلت: دعني أشرح لك.
عادة يكون الزواج في الفترة العمرية بين العشرين والثلاثين، ويمر بعدها الزوجان بثلاث عشرينات، فأول مرحلة تمر عليك تبدأ من عمر العشرين إلى الأربعين سنة، والثانية من الأربعين إلى الستين سنة، والثالثة من الستين إلى الثمانين سنة، فابتسم وقال وماذا بعد الثمانين؟ قلت مازحا عشرينة الحياة الآخرة، فضحك من تعليقي، ثم قلت له: دعني أشرح لك ماذا يحصل في الزواج في كل عشرين.
فأما المرحلة الأولى فتكون مشغولا في التعرف على الطرف الآخر وتعيش معها لحظات السعادة والأنس، والحديث عن الطموح والمستقبل، ويكون أكثر وقتك مصروفا في العمل والكسب حتى تؤمن مستقبل العائلة والأولاد، أما زوجتك فيكون أكثر همها أن تحقق رضاك وتدير بيتها عل أحسن وجه، وفي الغالب تكون مشغولة بتربية أبنائها، وفي هذه المرحلة غالبا تكثر عليك الديون لأنك في بداية تأسيس حياتك، فقال: إن هذا ما أشعر به وقد مضى على زواجي خمس عشرة سنة، قلت: ولهذا قلت لك (اصبر) على المشكلة التي تعيشها اليوم لأنك ما زلت في العشرين الأولى.
قال: وماذا عن العشرين الثانية؟ قلت: أما الثانية فتكون قد بلغت الأربعين سنة وفي هذه المرحلة يكون همك وطموحك مختلفا، أما زوجيا فتزيد في هذه المرحلة مساحة الفراغ فيكثر الجلوس والحديث بين الزوجين في شأن حياتهما، وما حققا من الأهداف في تأمين السكن وتربية الأبناء، وتربويا تبدأ معاناة مشكلة مرحلة المراهقة ومتابعة الدراسة ومراحل زواج الأبناء، أما ماليا فتكون غالبا قد حققت نصف أهدافك المالية واستطعت أن توفر السكن الخاص ووسائل الراحة والرخاء لعائلتك، قال: وماذا عن أزمة منتصف العمر؟ قلت: نعم في هذه المرحلة يعيش كلا الزوجين تغييرات صحية ونفسية وهي مرحلة طبيعية تحتاج (لصبر) وحكمة لأنها مرحلة في العمر مؤقتة تمر وتنقضي.
قال: لقد اشتقت لسماع صفات العشرين الثالثة والتي أعتقد أن والديّ يعيشانها الآن؟ قلت: إن هذه هي المحطة الأخيرة في الحياة العائلية وهي مرحلة الرزق بالأحفاد والاستمتاع بمشاعر الجد والشعور بأنك كبير العائلة، ولهذه المرحلة طعمها الخاص فتكون أنت مرجع العائلة بعدما كنت أنت المؤسس لها، وغالبا ما تكثر المشاكل الصحية التي تعانيها في هذه المرحلة، وتعرض عليك المشاكل التربوية للأبناء والأحفاد لتسهم في علاجها، وكذلك عليك التزام مالي تساعد من يحتاج من أبنائك وأحفادك.
قال: نعم هذا ما يعيشه والدي الآن، قلت ولهذا نحن نصنف هذه المراحل الثلاث بين العطاء والأخذ، فأما العشرين الأولى فهي أخذ والثانية بين الأخذ والعطاء والثالثة عطاء مستمر، قال: إن هذا التقسيم مريح ويجعلني أفهم مراحل الزواج ومشاكله، قلت: نعم وهذا يجعلك أيضا لا تتوتر كثيرا عندما تتعرض لمشكلة زوجية لأن الرؤية المستقبلية تكون واضحة لديك.
ثم التفت إلي وقال: تعرف أنك جعلتني أرى مشكلتي التي جئتك من أجلها صغيرة جدا بعدما كنت أراها كبيرة، قلت له: صحيح ولهذا نحن كثيرا ما نستعجل بالحكم على الأشياء ونرى «الحبة قبة» لأننا نعيش اللحظة ولا نرى المستقبل، أو أننا نرى الجزء الصغير من الصورة ولا نرى الصورة كاملة، قال: شكرا لك على هذا التوضيح، قلت له: قبل أن ينتهي لقاؤنا أود أن أقول لك إن الذي يجعلنا ننتقل من عشرين لأخرى بنجاح أمران، هما: وجود حوار دائم بينك وبين زوجتك وخاصة التعبير عن مشاعرك الصحية والتربوية والمالية أثناء التنقل من عشرين إلى أخرى، وثانيا فإني رددت عليك كثيرا اليوم كلمة «اصبر» فهي مفتاح السعادة الزوجية، وكما قيل «الصبر جزء من العلاج» فلا تستعجل وكن صبورا وحكيما في التعامل مع زوجتك، فإذا كان الصبر مراً فعاقبته حلوة (واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين).