قال: راتب زوجتي من حقي.. فكان هذا جوابي!
قال : أعطني راتبك لأصرف منه على البيت ، قالت : هذا راتبي وهو ملكي ونظير عملي ، فرد عليها ولكني أنا زوجك ومن حقي أن آخذ راتبك ، قالت : لا.. هذا ليس من حقك ، بل أنت من واجبك أن تنفق علي وعلى بيتنا وأولادنا حتى لو كنت أنا غنية ، بعد هذا الخلاف بدأ الزوج يهددها بالطلاق فقالت له : الأفضل من الاختلاف أن نذهب لأهل الاختصاص ونستمع لرأيهم بهذه المسألة ، فرد عليها وأنا موافق على اقتراحك.
حضر الزوجان إلى مكتبي وعرضا خلافهما علي فسألت الزوج : هل كنت تعرف عندما خطبت زوجتك أنها موظفة ؟ قال : نعم ، قلت : هل قبلتها على ما هي عليه ؟ قال : نعم ، قلت : إذن راتبها لها لأنك قبلتها مع علمك أنها موظفة عند زواجك بها ولم تشترط عليها أي شروط بخصوص عملها ، (فالقاعدة تقول : الرضى بالشيء رضى بما يتولد عنه ) ، قال : إذن لا يحق لي أن أطلب منها تسليم راتبها لي ؟ قلت له : نعم ، قال : ولكن مصاريف البيت كثيرة علي ، قلت : أنت المكلف بالإنفاق على بيتك وأولادك وزوجتك حتى ولو كانت زوجتك غنية ، وهذا سبب قوامتك عليها فقد قال تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ، فراتبها لها وأنت ملزم بالإنفاق عليها إلا لو حصل اتفاق بينكما عن طيب خاطر منها .
قال : طيب حتى لو قصرت في حقوق الزوج والبيت والأولاد لا يحق لي أن أوقفها عن عملها أو آخذ من راتبها ؟ قلت : هذه مسألة أخرى ، فمثلما أنك ملزم بالإنفاق على بيتك ، فالزوجة ملزمة بالقيام بواجبات البيت من ترتيب وتجهيز الطعام وتربية الأبناء وإعطائك حقك الشرعي ، فلو قصرت هي في ذلك بسبب وظيفتها ففي هذه الحالة يكون أمامك ثلاثة خيارات : الأول أن تتفق معها على تغيير طبيعة عملها حتى تستطيع أن تقوم بواجبها تجاه أسرتها ، والثاني أن تقدم استقالتها وتترك عملها وتعطي بيتها الأولوية ، والثالث أن تسهم معك ماليا في مصاريف البيت لأنها قصرت في القيام بواجباتها بسبب عملها ، وخاصة المصاريف المتعلقة بتعويض تقصيرها مثل راتب الخادمة أو مصاريف السائق الذي يوصلها لعملها وهكذا.
قال : لو كنت أعرف هذه المعلومات لاشترطت عليها في بداية زواجنا أن تترك العمل عندما نرزق بأول مولود ، فتدخلت زوجته وقالت : وأنا بإمكاني أن أشترط عند زواجي أن أستمر بوظيفتي أليس كذلك ؟ قلت لهما : نعم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج ) ، فالمؤمنون عند شروطهم ولكن لا بد أن تعرفوا أن كل واحد منكما لديه ذمة مالية مستقلة عن الآخر ، وأذكر بالمناسبة زوجا كتب استقالة زوجته لمدير عملها وكانت الاستقالة باسمه وبصفته زوجها وظن أنه يملك ذلك ، وهو لا يملك هذا التصرف لأن عقد العمل مع زوجته وليس معه . وأعرف رجلا آخر طلب من زوجته أن يستلم ميراثها بعد وفاة والدها بحجة أنه قيّم عليها . وثالثا يأخذ راتب زوجته الأولى ويصرفه على زوجته الثانية بحجة القوامة ، فيظن بعض الأزواج كما أنه قيّم على زوجته في بيتها فكذلك هو قيم عليها في جميع شؤون حياتها وهذا خطأ.
قال : طيب لو هي شاركت بجزء من راتبها معي ، أو فتحنا نحن الاثنين حسابا مصرفيا مشتركا بالبنك لمصاريف البيت فهل هذا ممكن ؟ قلت له : نعم ممكن لو كان هذا بالاتفاق بينكما وليس بالإجبار لقول الله تعالى (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) ، ولكن لابد أن تعرف أن الإنفاق مسؤوليتك أنت (فكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول).
ثم التفتّ إلى الزوجة وسألتها : كم ساعة تعملين في وظيفتك ؟ قالت : ثماني ساعات ، قلت : وهل تستطيعين التوفيق بين عملك وأطفالك وبيتك وزوجك ؟ قالت : نعم لأن خالتي تساعدني في تربية الأبناء ، وغداؤنا هي تجهزه كل يوم لأننا نسكن معها في البيت نفسه ، فقلت للزوج : وأنت ماذا تقول ؟ فقال : أنا مشغول في عملي من الصباح إلى العصر ثم أذهب للنادي الرياضي ومع المغرب أحضر للبيت فنتناول وجبتنا وهي بمثابة الغداء والعشاء ، قلت : إذن زوجتك ليست مقصرة بحقك وحق بيتك ؟ قال : لا ، قلت : إذن هي تستمر بعملها وأنت لا يحق لك أن تأخذ من راتبها إلا بطيب خاطر منها.
ثم قاما استعدادا للانصراف وقال : يعني أفهم من هذا أن الزوجة إذا قصرت في تربية أولادها أو بيتها فإن زوجها يحق له أن يأمرها بالخروج من عملها ؟ قلت : نعم لأن الأساس أن تكون الزوجة في خدمة زوجها وتسعى لراحته وتهتم ببيتها وأولادها ، فهذا هو الأساس في عمل المرأة وليست الوظيفة ، ولكننا لا نستطيع أن نعمم هذا الكلام على كل الحالات فبعض النساء يزداد إنتاجهن وحبهن لبيتهن عندما يكنّ موظفات ، وبعض النساء تزداد مشاكلهن إذا تركوا من غير عمل ، وبعض الأزواج طبيعة عمله تتطلب منه كثرة السفر ، وبعض الزوجات ليس لديهم أطفال ، فالحالات متنوعة والظروف مختلفة وكل حالة لها جوابها .