عندما تفقد الحب الرومانسي .. ماذا تفعل ؟
كلنا نمر بظروف اجتماعية نشعر فيها بحاجتنا للحب ، بدءاً من سن المراهقة والبحث عن الحب بكل أنواعه وانتهاء بمرحلة الشيخوخة والبحث عن الكلمة الطيبة واللمسة الحانية ، وقد وردتني شكاوى كثيرة لأناس يبحثون عن الحب الرومانسي سواء كانوا متزوجين والطرف الآخر لا يعطيهم حبا ، أو لم يتزوجوا وبحاجة للزواج ، أو مروا بتجربة انفصال أو وفاة للطرف الذي كان يعطيهم حبا ، وقد قدمت لهؤلاء حلولا بديلة عن الحب الرومانسي الذي يتمنون وجوده في حياتهم ، وكان لهذه الحلول الأثر الطيب عليهم وهي على النحو التالي :
أولا : أن يعيشوا حبا صادقا مع المقربين منهم مثل الوالدين أو العمة أو الخالة أو الجدة ، فيكثروا من التواصل والسفر وقضاء الأوقات معهم ، ويبادلونهم الهدايا والعطايا ، ويعبرون لهم عن حبهم وأهمية وجودهم بحياتهم .
ثانيا : كفالة يتيم يعيش معهم في البيت فيتكفلون بتربيته وتوجيهه وتعليمه ، فيكون محلا لتفريغ العواطف الجياشه له ، وإني أعرف أكثر من عائلة جربت هذه الفكرة وتقول إنها قد حققت ما كانت تحتاجه من إشباع عاطفي ، أو العمل في مجال التربية والتعليم فإنه يشبع حاجة الإنسان للعاطفة والحب.
ثالثا : تربية حيوان أليف يعتبر حلا ذكيا لهذه المشكلة ، وقد اقترحت ذلك لرجل بعدما فقد حب زوجته له ، فبدأ بمشروع تربية الأغنام ورعايتها وقد عبر لي بعد سنة من البدء بالمشروع عن استمتاعه بهذه الهواية الجديدة وقد عالجت ما كان يعانيه . وامرأة أخرى اهتمت بالقطط وتربيتهم فانشغلت بهم وتغيرت مشاعرها نحو هذا الأمر ، ثم توسع المشروع معها وعملت مستشفى لعلاج القطط المريضة ، وكلنا يعرف ما يفعله الأجانب من تربية الكلاب في بيوتهم وتعلقهم بها ، وهذا جزء من حل المشكلة العاطفية في حياتهم.
رابعا : حب الحياة والانطلاقة فيها بنشاط وحيوية ، وممارسة هوايات متنوعة تشبع جانبا كبيرا من العاطفة عند الإنسان وخاصة الرياضة بأنواعها والعلاقات الاجتماعية بأصنافها.
خامسا : حب العمل والإنجاز وكثرة العطاء الوظيفي يعطي للعامل شعورا بالراحة والنصر والارتياح النفسي ، وهذا يعالج جانبا كبيرا من المشكلة بكثرة الانشغال بالعمل ، وتحويل العواطف من رومانسية إلى عواطف نحو العمل والإنجاز.
سادسا : الأصدقاء يعتبرون مصدرا مهماً للعواطف والحب ، فالصديق يعطي الاهتمام والرعاية والمتابعة والسؤال والدعم النفسي وعلاج المشاكل ، وكل ذلك من علامات الحب والاشباع العاطفي.
سابعا : حب الله وتقوية العلاقة به فهذا هو المصدر الأساسي للحب ، وحب الرسول الكريم وطاعته ، وحب القرآن والتعلق به ، وحب العمل الصالح والمداومة عليه ، فهذه الأعمال كلها تشبع الإنسان الطالب للحب وتغنيه عاطفيا.
وأذكر امرأة دخلت علي تشتكي من فقدان الحب في حياتها على الرغم من أنها استبدلت ذلك بحب الله ورسوله ، ولكن كانت تقول لي بأنها مازالت بحاجة لحب بشري ، فقلت لها : إن لم تحصلي على الحب البشري في الدنيا فاعتبري ذلك من الابتلاء الذي تؤجرين عليه ، بشرط أن تصبري ولا ترتكبي الحرام ، فإن الله سيعوضك حبا بشريا في الجنة ، فاستغربت وقالت : أحقا ما تقول ؟ قلت لها : نعم فقد قال تعالى (هم وأزواجهم في ظلال على الآرائك متكئون) فالله سيرزقك زوجا تتكئين معه على السرير ، أليس في ذلك حبا عاطفيا ؟ فابتسمت وقالت : أفرحتني أفرح الله قلبك ، ولكن كم عمر هذا الحب ؟ ، فقلت لها : لا تخافي إن هذا ليس كحب الدنيا ، فإن الحب الذي في الجنة مستمر وخالد وقد وصف الله عمر هذا الحب قائلا (لهم فيها ما يشاؤون خالدين فيها ، كان على ربك وعدا مسؤولا) فقالت : يا سلام ، والله أنا كنت أعتقد أن ما أطلبه غير صحيح ! قلت لها : لا أبدا ، بل هذا من حقك ومن الحاجات البشرية ، فالنبي الكريم يوم توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها فقد الدعم العاطفي والحب الذي كان يعيشه معها ، وقد حزن على فراقها كثيرا ولهذا سمي العام الذي توفيت فيه مع عمه (بعام الحزن) ، فالحب مطلب شرعي وإنساني وحياة لا حب فيها كالعيش في المقبرة !!