هل أتزوج فتاة طيبة ذات خلق لكن أمها متسلطة ؟
ما وجه الشبه بين المثلث ذي الزوايا الحادة والزواج؟ سؤال طرحته على مجموعة من الشباب فلم يعرفوا الإجابة عنه، فقلت لهم: إن هذا المثلث له ثلاثة أضلاع، ضلعان منهما قائمان بطريقة مائلة وضلع في الأسفل يربط بين الضلعين على شكل الهرم، فابتسم أحدهم وقال: الآن فهمت، قلت: وماذا فهمت؟ قال: هذا الضلع الذي في الأسفل هو الزوج وأما الضلعان المتجهان للأعلى الأول زوجته والثاني أمه أو حماته، فابتسمت وقلت: له نعم هذا ما قصدته، ثم بدأت أبين أهمية مرونة الزوج وحكمته في التصرف والتوفيق بين أمه وزوجته أو في التعامل مع حماته، فالمعادلة صعبة ولكنها تحتاج ذكاء وحكمة، فكم من أسرة تفككت وكانت نهايتها الطلاق بسبب تدخل أم الزوج أو أم الزوجة في حياة الأبناء، ولدي قصص كثيرة في هذا الشأن، ولهذا قيل في الأمثال قبل الزواج «إذا تبي تضمها اسأل عن أمها»، لأن البنت في الغالب تكون مثل أمها، ونسبة قليلة من البنات يكنّ مختلفات عن أمهاتهن.
فالسؤال عن الأمهات قبل الزواج من الأسئلة المهمة التي يغفل عنها الكثير، والتعرف على صفات الأم وأخلاقها من المسائل الأساسية لنجاح الزواج، فإني أعرف بيتا فيه سبع بنات لم تتزوج منهن واحدة بسبب قوة شخصية أمهن وتسلطها على الناس وسوء أخلاقها مع الجيران، وأعرف قصة طلاق عشتها بسبب تدخل أم الزوج في تفاصيل حياة زوجة ابنها، فكانت يوميا تدخل بيتهم وتتفقد النظافة والترتيب في المطبخ والصالة وتستلقي على فراشهما وتفتح الخزانات لترى كيف ترتب زوجة ولدها الملابس، وأعرف شخصا تزوج مرتين وطلق الزوجتين بسبب تدخل الأم وتسلطها، ثم اشترط في زواجه الثالث أن يتزوج فتاة أمها متوفاة، وزوج سعى لإيجاد بعثة دراسية للخارج وسافر هو وزوجته لكندا هروبا من تسلط أم زوجته، وقال إنه يفكر بعد انتهاء البعثة أن يستقر في كندا بعيدا عن أم زوجته حتى يضمن نجاح حياته الزوجية، وزوجة قالت لي مرة: إن أم زوجها ملقوفة فهي تتدخل في حياتها وتقول لها «هذا ولدي وأنا حرة»، وأخرى وصفت حياتها الزوجية بأنها «زواج جماعي» لأن أم زوجته وعمته وجدته كلهن يتدخلن في شؤونهما الخاصة.
ففي الغالب يكون التدخل للولد الوحيد أو للولد المدلل، ولعل المشكلة الكبيرة التي تواجه الضلع الثالث ـ وهو الزوج ـ الخلط بين مفهوم طاعة أمه وبرها وبين حدود تدخلها وفرض رأيها على حياته الخاصة، فكثير من الرجال يخلطون بين الاثنين وتكون النهاية على حساب الزوجة المسكينة، ولهذا من مهمة الضلع الثالث أن يوقف أمه أو أمها عند حدود معينة حماية لزوجته ولمستقبل بيته، وهذا ليس من العقوق، على أن يوقف أمه بطرق ذكية مع احترامها وتقديرها، وربما تزداد المشكلة تعقيدا إذا كان الأب ضعيف الشخصية، ففي هذه الحالة تزداد الضغوط على الضلع الثالث.
وقد سألني شاب مرة: هل أقبل الزواج من فتاة طيبة وذات أخلاق عالية ولكن أمها “حشرية” ومتسلطة وقوية؟ فقلت له: لا مانع في حالة توافر أربعة شروط وهي أن تكون شخصيتك قوية، وتحسن التعامل مع قوة الأم بحكمة وذكاء، وأن يكون سكنك بعيدا عن سكن الأم، وأخيرا أن تضع نظاما تتفق فيه مع زوجتك على إدارة التدخلات الخارجية بحياتكما، فليس كل تدخل من الأمهات والآباء في حياة الأبناء نعتبره تدخلا سلبيا، فهناك كثير من الحالات ينبغي أن يتدخل الوالدان في حياة أبنائهما، وهذا ما نسميه بالتدخل الإيجابي، ويكون في الوقت المناسب وعند الحاجة، كتدخل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في حياة السيدة فاطمة وعلي رضي الله عنهما لحل خلاف حصل بينهما، وتدخل إبراهيم عليه السلام في تطليق زوجة ابنه واستبدالها بأخرى عندما قال لها “أخبريه أن يغير عتبة داره”.
وختاما نقول: إن أهم ضلع بالمثلث هو الضلع الثالث وعليه مسؤولية التوفيق والتوازن بين الضلعين الآخرين.