هل القوامة أوالتعدد عنف ضد المرأة ؟
(15) بندا في وثيقة هيئة الأمم والتي نوقشت منذ أيام من أجل حماية المرأة من العنف تسهم في تفكيك الأسرة ودعم الحرية الجنسية للمرأة ، وعلى الرغم من إيجابيات الوثيقة ودعمها لتعليم المرأة وتمكينها بالمجتمع إلا أنها جاءت بمبادئ مخالفة لديننا وثقافتنا منها:
إلغاء مفهوم قوامة الرجل في الأسرة واعتباره عنفا ضد المرأة واستبداله بنظام الشراكة بين الزوجين فيكون الزوج شريكا في (الإنفاق ورعاية الأولاد والأعمال المنزلية) بالإضافة إلى الزامه بالإنفاق على الأسرة، كما ألغت نظام الولاية بالزواج ودفع المهر وتعدد الزوجات وسمحت الوثيقة للمسلمة بالزواج من غير المسلم ، والتساوي بالإرث بين الرجل والمرأة وسحب سلطة التطليق من الرجل وتسليمها للقضاء واقتسام كافة الممتلكات بعد الطلاق بين الزوجين ، وإلغاء فترة العدة بعد الطلاق أو الوفاة ، أما في حالة لو طلب الزوج معاشرة زوجته وهي غير راغبة بذلك فإن هذا يعد اغتصابا وإذا لمسها من غير رضاها فإن هذا اللمس يعتبر تحرشا جنسيا ، وتكون عقوبته كعقوبة من فعل مثل هذه التصرفات مع امرأة أجنبية!
أما بخصوص الفتاة فإن لها كافة الحريات الجنسية وكذلك لها الحق باختيار جنسها لو رغبت بتغييره، ولها حرية اختيار جنس الشريك الذي ترتبط به سواء كان رجلا أو امرأة مع رفع سن الزواج إلى 18 سنة، وللفتيات الحق باستخدام وسائل منع الحمل. كما تسمح الوثيقة للفتيات المراهقات بالإجهاض لو حصل لهن حمل لا يرغبن به ، أما لو رغبت بالطفل بعد ولادته من علاقة غير شرعية فإنه ينسب لأبيه لا لأمه ، وأما مسألة الأمومة فإن الوثيقة ترى أن هذه من أسباب إفقار المرأة في مقابل إثراء الرجل.
هذه الأمثلة التي ذكرتها كلها ذكرت واعتمدت في الوثيقة منذ أيام وكأن بنودها مفصلة ضد ديننا ونظامنا الاجتماعي الذي يتمنى العقلاء من المختصين الغربيين والخبراء الاجتماعيين أن يكون لديهم ولو بنسبة 10 % منه للحفاظ على الأسرة وحمايتها ، وأعتقد أنه فاتهم أن يضيفوا أن حجاب المرأة المسلمة ربما على تفسيرهم يعد عنفا ضد المرأة كذلك.
فهل يعقل أن ربنا تبارك وتعالى وهو القائل (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) أن يشرع حكما فيه عنف ضد المرأة؟ أو أن رسولنا الكريم القائل (رفقا بالقوارير) أن يأمر بحكم فيه عنف ضد المرأة ؟ ولكن الغريب في هذا الحدث هو محاولة إلزام هيئة الأمم كل دول العالم ببنود هذه الوثيقة بما فيها الدول الإسلامية وعدم احترام خصوصية كل بلد واحترام دينه وهويته وثقافته ، ثم يقدمون أنفسهم للعالم على أنهم نموذج للعدالة والمساواة والديمقراطية ، فالأمثلة التي ذكرناها فيها قلب للموازين وتفكيك للأسرة وفتح باب الحرية الجنسية علي مصراعيه ، ونحن نعتقد أن من يتبنى مثل هذه الأطروحات فإن نهايته ستكون مثل نهاية قوم لوط عندما نفذوا وثيقتهم التي تدعم الحرية الجنسية وتخالف الفطرة فقلب الله بلدهم رأسا على عقب وصار البحر الميت شاهدا عليهم إلى يوم الدين ، فهل يا ترى سنرى سقوط هذه الهيئات والمنظمات التي تسعي لقلب الموازين الاجتماعية باسم الحرية وتفكك التماسك الأسري باسم حماية المرأة من العنف ببحر ميت ثان !!
لا شك أننا لا نقبل بظلم المرأة وإيذائها وندعم احترام المرأة وتمكينها في كافة مجالات الحياة ، ولكن هناك أمر لا بد من معرفته لفهم طريقة التفكير الغربي عندما يفرض علينا بنود الوثيقة التي ذكرناها وهي أن الخلاف بيننا وبينهم ليس في هذه الوثيقة أو في بعض بنودها وإنما الخلاف بيننا في أمور أربعة هي: (المرجعية والثقافة والهوية والدين) فأما المرجعية فهم يرون أن الإنسان هو المرجع وهو المتصرف في كل شيء ونحن نرى أن الله هو مرجعنا وقد خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض (إني جاعل في الأرض خليفة ) فنحن نحتكم لله ومرجعنا كلام الله وهذا فرق جوهري.. ثم إن الخلاف الآخر أنهم يرون أن الإنسان (حر) ونحن نرى أن الإنسان (عبد) (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وهم يرون أن الإنسان له (حق التصرف كما يشاء) ونحن نرى أنه (مخلوق) يحتكم لخالقه فالخلاف إذن جوهري، ويكمن الخلاف في تعريف الإنسان فالإنسان عندنا يختلف عن الإنسان عندهم وهذا هو جوهر القضية.