هل سمعتم بمثل قصة هذا الزوج الظالم ؟
بدأت حديثها معي بقولها أنا حالتي نادرة ومشكلتي كبيرة وأريد الطلاق ولكني لا أستطيع ، قلت لها : وما هي مشكلتك ؟ قالت : أنا تزوجت منذ خمسة عشر سنة ، وفي ذهني أن الزوج يعيش مع زوجته على الحلوة والمرة ، وأنه ينفق عليها ويكرمها ويعاشرها بالمعروف ، ولكني صدمت في أول يوم من زواجي عندما أخذ زوجي مني حاجته ثم تركني وخرج ، فاستغربت من فعلته هذه ولكني قلت في نفسي لعله عنده ظرف خاص ، إلا أن هذا الوضع استمر طوال خمسة عشر عاما ، وزيادة على ذلك فإنه لا يحترمني ولا يقدرني ، وكأني حيوانة تعيش معه لقضاء شهوة الفراش فقط ، فهو لا يتحدث معي أبدا ودائم العصبية والضرب ، فأنا أعيش في سجن اسمه الزواج وفي معتقل اسمه الأسرة ، فهل مرت عليك استشارة مثل حالتي ؟ قلت لها : نعم مرت علي حالات مثل حالتك ، ولكن كيف عالجت هذه المشكلة ؟ هل تحدثت معه ؟ أو مع أهلك أو أهله ؟ قالت : نعم فعلت كل ذلك ولا فائدة ، وإن كانت مشكلتي مع زوجي كبيرة فمشكلتي مع أهلي أكبر ، فإني شكوت لوالدي كل تفاصيل حياتي الزوجية ومشاكلي ، حتى إني قلت له عن أدق الأمور التي أكرهها في زوجي ، ومنها أنه كل يوم يأتي من الخارج بعرقه ورائحته الكريهه ويطلبني مباشرة للفراش ، فإن لم أستجب له يغضب ويضربني ثم يأتيني عنوة ، ويراودني كثيرا شعور بإني لست إنسانة لها مشاعرها وحاجاتها ، قلت لها : وما هو موقف أبيك ؟
قالت والدي دائما يقول لي : اصبري عليه ويردد علي عبارتين ، الأولى : (ما عندنا بنات تطلق) والثانية : (هو جنتك ونارك) ، فقلت لها : ولكنه يضربك ويهينك فهل يقبل والدك ذلك ؟ قالت : دائما يقول لي اصبري لعله يتوقف عن الضرب ، قلت : ألم يكلمه والدك ؟ قالت : لا ، قلت : هل كلمت أحدا غير والدك ليكلم زوجك ؟ قالت : لا يقبل والدي أن يتدخل أحد، قلت : هل فكرت أن تأخذي حقك من زوجك عن طريق المحكمة ؟ قالت : أما هذه فمستحيلة ، فليس من عاداتنا أن تلجأ الفتاة للقضاء.
قلت لها : الأصل في العادات والتقاليد أنها تحمي الإنسان من الظلم لا أن تجعله يعيش الظلم ، فوالدك يطبق العادات بطريقة خاطئة ومخالفة للدين ، أخبريه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لديه ابنتان قد طلقتا فكيف يقول (ما عندنا بنات تطلق) ، وأنه ليس من الدين ضرب المرأة وإهانتها وأن تكون للفراش فقط ، قالت : أعرف ذلك ولكني لا أستطيع أن أتفاهم مع والدي ، قلت لها وهل تعلمين أن والدك فهم الحديث النبوي خطأ ؟ قالت : كيف ؟ قلت : لهذا الحديث قصة يرويها الحصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ( أذات زوج أنت ؟ ) قالت : نعم ، قال ( كيف أنت له ؟ ) قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه ، قال ( فانظري أين أنت منه ، فإنما هو جنتك ونارك ) والمقصود بأن الزوج يكون سببا في دخول زوجته الجنة بسبب طاعتها له ودخولها النار بسبب معصيتها له ، ولكن بالمعروف وليس كما يفعل زوجك من ضرب وإهانة وعدم إنفاق وأخذ نصيبه من الفراش يوميا عنوة ، فهذا تكون زوجته (هي ناره) وليس (هو نارها) ، لأنه ظالم لها.
قالت : لقد أرحتني بحديثك وإن كنت لم تعالج مشكلتي الآن ولكنك أزلت اللبس عندي بتوضيح هذه المفاهيم ، قلت لها : إن مشكلتك لا تنتهي بجلسة واحدة ولكن عليك بالدعاء فإنه سهم من سهام الله لا يخطئ أبدا ، وانتظري الفرج مع بذل محاولات الإصلاح أو الانفصال مع أهلك ووالدك (فكثرة الدق يفك اللحام) ، وكوني مطمئنة بنصرة الله للمظلوم ولو بعد حين ، واعلمي أن أجرك عند الله عظيم.