ولدي يسأل عن النبي والفيلم المسيء
استقبلني ولدي بعدة أسئلة حول النبي الكريم والفيلم المسيء الذي انتشر قبل أيام، فقال: يا أبي جلست أفكر وأتساءل لماذا بين فترة وأخرى يطالعنا الغرب بمنتج يسيء لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ؟ ولماذا يغيظوننا ؟ وعلى ماذا يحسدوننا ؟ وما سبب اختيارهم لشخصية نبينا ؟ فهل يعقل أنهم يغارون منا ومن نبينا ؟ وهل نستطيع أن نسمي ما حدث غيرة حضارية أم عداوة بشرية ؟
قلت: أعجبتني أسئلتك فأكمل وأخرج ما في نفسك ؟ فقال: من الأمور التي تحيرني أن دولنا فيها أعلى نسبة للبطالة والفقر والجهل وأقل نسبة من النمو الاقتصادي والبيئي والإعلامي بالإضافة للتأخر السياسي وضعف التعليم فكل هذا لدينا وكذلك يستهزأ بنبينا من خلال رسوم الكاريكاتير أو الأفلام أو مئات الكتب التي تؤلف في الغرب !!
قلت: يا ولدي أولا كن مطمئنا بأن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم لا يستطيع أحد أن يشوه سمعته فهو محفوظ بحفظ رب العالمين (والله يعصمك من الناس).
وثانيا إن ما يحدث الآن فرصة لنا ينبغي أن نستغلها في التعريف برسول الإنسانية فهل تعلم أن 1000 دانماركي دخلوا في الإسلام في السنة الأولى بعد نشر رسوم الكاريكاتير وأن أكثر من 110000 نسخة من القرآن المترجم وزعت في بريطانيا خلال اليومين الماضيين ومشاريع كثيرة عملت لنصرة رسول الله فإن هذا الدين من خصائصه أنه كلما ضيق عليه زاد انتشاره..
قال: ولكن يا أبي إلى متى ينظر الغرب إلى نبينا بهذه النظرة الخاطئة والسلبية ؟ قلت: يا ولدي إذا أردت أن تحكم على إنسان فلا بد من أن تتعرف على خلفيته الثقافية ، فالعقلية الغربية يصعب عليها تصور شخص أو شاب ليس لديه علاقات جنسية ولهذا يركزون على هذا الجانب في منتجاتهم الإعلامية، وكذلك يصعب على الغربي تصور النزاهة والعفة والحياء في منظومتنا التربوية، ويصعب على الغربي كذلك أن يتصور أن ملايين البشر تحب شخصا وتتبعه وتقتدي به وتحفظ سيرته وتتحدث عنه وتسمع اسمه مرفوعا بالأذان كل يوم منذ 1500 سنة و حتى اليوم لأنهم يرون ذلك تاريخا قد مضى..
ولا يتصور الغربي لشخص عاش كل حياته نظيفا طاهرا لأنه بالمقارنة بعلمائهم وفلاسفتهم يجدون فرقا شاسعا بين سيرتهم وسيرة نبينا الكريم، فلو تأملنا نهايات أكبر الفلاسفة لديهم لعرفنا سبب نظرتهم لنبينا (فأرسطو) ألقى نفسه بالبحر ومات لأنه عجز عن معرفة سبب التفسيرات البحرية ، والفيلسوف اليوناني (سقراط) اتّهم بالزندقة وممارسة الشذوذ مع تلاميذه وتم إعدامه ، و(أفلاطون) اتهمته الحكومة بالخيانة وأجبرته على اختيار طريقة إعدامه فاختار تناول السم ، والفيلسوف الفرنسي (ديكارت) والمؤسس لمذهب الشك مات مسموما على يد كاهن كاثوليكي ، و(هوبز) الفيلسوف الإنجليزي صاحب مذهب المنفعة الفردية مات في ظروف غامضة ، و(فرويد) رائد التحليل النفسي حاول أن ينتحر أكثر من مرة ولم يفلح بسبب الكآبة الدائمة عنده، و(فرانسيس بيكون) مؤسس المذهب المادي في الفلسفة الأوربية كان قاضيا فاتهم بالرشوة ن و(نيتشه) المفكر الألماني الشهير وقع بالحب عدة مرات وأصيب بالكآبة طوال عمره وكان يحمل من بيوت الدعارة مخمورا ومات في مستشفي الأمراض العقلية ، ولو كان هناك مجال لعددت لك الكثير من سير علمائهم وكشفنا الجانب النفسي والجنسي الذي يعانون منه مع احترامنا لما قدموه من خير ، ففي ظل هذه الأجواء ومن خلال هذه الثقافة تنظر العقلية الغربية لنبينا الكريم ولهذا هم يستغربون من ردود أفعالنا تجاه نبينا .
قال : شكرا لك يا أبي لقد بدأت أفهم تفسير الأحداث وخلفية الموضوع ، وهل أفهم من ذلك أنهم سيستمرون في الاستهزاء بنبينا الكريم أليس كذلك ؟ قلت : نعم لأن الغرب من زمن بعيد وهو يستهزئ بالنبي وهذه القضية ليست مرتبطة بأحداث 11سبتمبر وإنما الخلاف الفكري بيننا وبينهم قديم وجذري لأنهم ليس لديهم مقدس بل هم يؤمنون بأن (المقدس لا بد أن يتحول لمدنس) وهذا ما نراه في منتجاتهم الإعلامية.
قال هممم وهذه إضافة جميلة ما كنت أتوقعها ، قلت : اطمئن يا ولدي واعلم أن قيصر أكرم رسالة رسول الله عندما استلمها فأكرمه الله في ملكه ومزق كسرى رسالة رسول الله واستهزأ به فمزق الله ملكه ومات مقتولا ، وفجأة انتبهت لنفسي فعلمت أن هذا الحوار كان خيالا بيني وبين ولدي …. فابتسمت..