(7) وسائل تزيد من ذكاء ابنك وفطنته
لعل القارئ يستغرب عندما يعرف أن أول سبب من أسباب تنمية الذكاء والفطنة هو (الحب) فإذا إغدقنا علي الطفل حبا وحنانا من خلال الكلمات واللمسات والاحتضان فإن نفسيته ستكون مستقرة ويشعر بأنه مقبولا من قبل والديه فيزداد عطاء ونماء وذكاء وقد دلت الأبحاث والتجارب علي ذلك ، وكلما قدمت الأم حبا مبكرا لطفلها كلما ساهمت في تطوير منطقة في المخ مسؤولة عن الذكاء والتعلم والذاكرة ، والسبب الثاني في تنمية ذكاء الطفل تشغيل حواسه الخمسة وهي (البصر والسمع والشم واللمس والتذوق ) للتعرف علي المحيط الذي حوله وهذا يحتاج لتعليم وتدريب من قبل الوالدين ، والسبب الثالث أن نستمع له ونتحدث معه ، فيتعلم من الإستماع تقييم أفكاره وتحليلها ومراجعتها ويتعلم من الحديث معه تشغيل مخه بالتحليل والإستنتاج والإستنباط
والسبب الرابع حفظ القرآن وتدبر معانيه وفهم آياته وقراءة تفسيره ، فالقرآن يدعونا للتأمل والتدبر في خلق السماوات والأرض وفي ذلك تحريك للعقل ، بالإضافة إلي أن حفظ القرآن ومراجعته ينشط الخلايا الدماغية ويجعلها متحفزة دائما ولهذا يقل الخرف في حفاظ القرآن عند كبر سنهم ، والسبب الخامس هو توفير العاب تساهم في تنمية الذكاء للطفل سواء كانت العاب كلامية مثل الألغاز أو العاب رياضية تحتاج لتخطيط كالهجوم والدفاع أو العاب تعتمد علي الحساب أو العاب الكترونية تحتاج لسرعة بديهة وتفكير ، والسبب السادس زيارة مواقع وأماكن تعرف الطفل علي المخترعين والأذكياء ويتعرف كيف يتعامل مع مصاعب الحياة ومشاكلها ، وكذلك زيارة المتاحف أو زيارات المواقع الأثرية القديمة أو مجالسة الأذكياء ، والسبب السابع تناول أطعمة تنشط الذاكرة وتساهم في زيادة الذكاء وهذه يمكن للقارئ أن يبحث في أنواع الأطعمة بالنت أو يسأل أهل الاختصاص في المجال الغذائي يفيدونه بها ، فهذه سبعة أسباب تزيد من فطانة الطفل وذكائه
ومن يتأمل سير الأنبياء والصحابة والعلماء يجد أن صفة الذكاء والفطنة موجودة عندهم وهذا سبب من أسباب تميزهم علي الآخرين فأبوبكر الصديق رضي الله عنه لما هاجر مع رسول الله وكان رديفه فكان يمر بالقوم فيقولون له : من هذا بين يديك ؟ فيرد عليهم : هادي يهديني وأحيانا كان يقول دليل يدلني ، فهذا جواب ذكي حتي لا يكشف سر الهجرة ، وعمر الفاروق رضي الله عنه في يوم أحضروا له غلمان سرقوا ناقة رجل فلما رآى أجسامهم ضئيلة وهزيلة والبؤس عليهم ظاهر ووجوههم صفراء قال لسيدهم : لقد كدت أن أعاقبهم لولا علمي بأنك تجيعهم ، فلما جاعوا سرقوا ، ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت ، فعرف من حالهم أنهم مظلومين وهذه لفتة ذكية منه ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عرضت عليه مسألة رجل حلف علي زوجته بالطلاق إن لم يطأها في شهر رمضان نهارا ، فقال له علي : سافر بها لتجامعها نهارا ، فعالج المشكلة وحفظ الأسرة بجواب ذكي
وأبوحنيفة رحمه الله قال له رجل إذا خلعت ثيابي ودخلت النهر أغتسل فإلي القبلة أحول وجهي أم خلافها ، فقال له أبوحنيفة : الأفضل أن تحول وجهك إلي الجهة التي فيها ثيابك لئلا يسرقها أحد ، فهذا جواب ينم علي ذكاء وفطنة وإن كان في ظاهرة جواب فكاهي ، وهكذا كان كل علماؤنا ولهذا القرآن الكريم عرض لنا نماذج للذكاء حتي يكون لنا منهجا في تربية أبنائنا ، مثل تصرف بلقيس عندما اختبرت سيدنا سليمان بالهدية ، وتصرف أخت موسى عندما أرسلت لأخيها موسى أمه ترضعه بطريقة ذكية ، وتصرف أسية الذكي في الحفاظ علي الطفل موسى علي الرغم من بطش فرعون وزبانيته في قتل النساء والأطفال ، وقصص كثيرة في تاريخنا تتحدث عن ذكاء عائشة رضي الله عنها وعن ذكاء خالد بن الوليد وعمر بن العاص رضي الله عنهم وغيرهم كثير ، ولكن المهم من هذا كله كيف نحول هذه المفاهم والقيم القرآنية والنبوية إلي واقع عملي في بيوتنا ومع أبنائنا وتدخل في مناهجنا التعليمية ، فنحرص علي التربية الذكية لأطفالنا ونهتم بتنمية عقولهم ليساهموا في المستقبل ببناء وطنهم وخدمة دينهم