أيهما أفضل الذبابة أم الفأر؟
للذبابة أسلوب مختلف تماما عن الفأر في حل المشاكل والتعامل مع العوائق عندما تواجهها مشكلة ، فالذبابة عندما تطير وتصطدم بزجاجة النافذة من أجل الخروج من الغرفة أو السيارة فإنها تحاول نفس المحاولة ونفس الإسلوب أكثر من مرة ، وفي كل مرة تصطدم بزجاج النافذة حتى تكون الصدمة الأخيرة هي القاضية لحياتها فتموت ، بينما لو غيرت طريقتها أو التفتت عن يمينها أو ورائها لوجدت النافذة الأخرى أو الباب مفتوح تستطيع أن تخرج منه ، فهذا هو أسلوب (الذبابة) في حل المشاكل
أما (الفأر) فلديه أسلوب مختلف وطريقة مختلفة ، فإذا اشتم رائحة الجبن وتحرك باتجاهها ووجد الطريق مغلقا فإنه يحاول أن يصل للجبنة بأكثر من أسلوب وأكثر من طريقة ، ولا ييأس وهو يعيد المحاولات بطرق مختلفة من أجل الوصول لهدفه ، (فالفأر) لديه مرونة في التفكير وسرعة في التغيير بينما (الذبابة) لا ترى إلا حلا واحدا وطريقة واحدة لكل مشكلة تواجهها ، وهذا الفرق في التعامل مع المشاكل هو الذي يميز (الفأر) ويجعله أكثر نجاحا من (الذبابة)
بعد بيان هذا الفرق بين الإسلوبين أريد من القارئ أن يراقب نفسه ويراجع أسلوبه في حل المشكلات التي تواجهه في الحياة ، هل يتعامل مع مشاكله علي طريقة (الذبابة) أم أسلوب (الفأر) ، فالله تبارك وتعالى سخر لنا الحيوانات والحشرات لعدة أهداف ومنها من أجل أن نتعلم منهم ، كما تعلم سيدنا آدم عليه السلام من (الغراب) ،
كتبت هذه المقدمة بعدما عشت قصة لأحد الآباء كان يشتكي من ولده في سن المراهقة وعلى الرغم من كثرة نصحه وتوجيهه إلا إنه لم يتغير ، وزوجة كانت تشتكي من مشكلة عند زوجها لسنوات طويلة وتحاول أن تعالج المشكلة بنفس الإسلوب وتردد بأنه لا فائدة من هذا الزوج ويأست من توجيهه ، ففي هذه الحالتين تحدثت مع الأب ومع الزوجة عن تكنيك (الفأر) ، وهو تغير طرق العلاج واستخدام وسائل أخرى لعلاج المشكلة ، فلما فعلوا ذلك مع إيمانهم بأن الطريقة الجديدة لا تفيد ولا تنفع تفاجأوا من النتائج بعد تغيير أسلوبهم ، لا أقول أن المشكلة تم علاجها تماما ولكن نجحوا في تقليل حجمها وضررها عليهم
فمن يملك أسلوب مرونة (الفأر) في حل المشاكل يستفيد عدة فوائد ، منها أن توتره عند حدوث المشكلة يكون أقل ، ويلاحظ تحسن من علاقاته مع الآخرين ، وتكون لديه القدرة بالنظر للجانب الإيجابي في كل مشكلة تواجهه ، وكذلك تكون لديه القدرة في حل المشاكل بوقت قصير وجهد قليل وتحقق له مزيدا من الرضى الشخصي ، ولعل أهم فائدة أن تكون نفسيته راضية وإيمانه بقدراته أقوى وثقته بأن المشكلة سيتم السيطرة عليها بشكل سريع وهذا يعطيه الأمل ويجعله متفائلا ويزيد من حجم الصبر لديه
فالسعيد من يملك المرونة في التعامل مع أحداث الحياة ، فهناك ثلاثي للنجاح في علاج أي مشكلة تواجهنا سواء كانت أسرية أو غيرها هي (قوة الإيمان ، والمرونة ، والصبر) ، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يسيطر علي كل المشاكل التي تواجهه بقوة ايمانه وتوكله علي الله تعالى والصبر بالإضافة للمرونة وهو موضوعنا اليوم ، كمرونته في التعامل مع مشاكله الإجتماعية سواء مع قومه مثل ما فعل في قصة صلح الحديبية أو مع زوجاته عندما كانوا يعترضون علي بعض أفعاله مثل قصة النفقة أو موقفه المرن من المنافقين أو تعامله مع الأعرابي الذي بال بالمسجد وغيرها من المواقف الكثيرة ، حتى صار هذا من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها ( ما خير رسول الله بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه )
ومن القصص التي عشتها أن زوجا نجح في التعامل مع زوجته التي نزعت حجابها وظل يتعامل معها بحكمة ومرونة لمدة سنتين حتى عادت للبس حجابها من أخرى ، وأعرف امرأة أكتشفت أن زوجها يشرب الخمر فتعاملت معه بحكمة ومرونة وذكاء حتى ترك الخمر بعد خمس سنوات من أكتشافها