حوار مع الأمهات في أوروبا ؟
في جلسة خاصة مع الآباء والأمهات بأوربا كنا نناقش كيف نتحدث مع أبنائنا حول اللقطات التي نراها أحيانا بالشارع مثل اعلان لفتاة عارية أو رؤية محل لبيع الخمور أو الحشيشة ، أو عند دخولنا في مجمع تجاري يشاهد أبنائنا علي السلم الكهربائي رجل يقبل امرأة أو يحتضنها ، وعند الإتصال مع النت تظهر بعض الدعايات المخلة للأدب ، أو عند متابعة المسلسل أو الكارتون نكتشف أنه يروج للشذوذ الجنسي ، فكيف نتصرف عندما يواجهنا مثل هذا الموقف ؟
فقلت لهم قبل أن أجيبكم أريد أن أسمع منكم كيف تتصرفون مع أبنائكم عند رؤية هذا المواقف ؟ فكان الجواب من الجميع أننا نمر علي الموقف من غير تعليق ونتعامل معه وكأننا لم نشاهده أو نراه حتى لا ينتبه أبنائنا لهذا الخطأ ، فقلت لهم : وهل تعتقدون بسكوتكم أو انسحابكم من مواجهة السلوك الخاطئ أو المنكر أنكم عالجتم المشكلة تربويا مع أبنائكم ؟ فعلقت أحدى الأمهات قائلة : أنا صراحة أتكلم مع أبنائي عندما أري شيئا لا يعجبني ويأثر علي قيمهم وأخلاقهم ودينهم ، فسألتها : وماذا تقولين لهم ؟ فقالت : أقول لهم أن هذا حرام أو هذا غلط ، فقلت لها : وهل تعتقدين أن أبنائك أقتنعوا أو بكلامك هذا ؟ قالت : لا أعرف ولكن المفروض أنهم أقتنعوا لأني أنا أمهم ، فقلت : لا تفترضي شيئا طالما أنك لم تتحدثي معهم بطريقة تفاعلية ، تسمعين منهم ويسمعون منك ، فاتفق الحضور علي أنهم كل ما يفعلونه هو أوامر وتوجيهات أو سكوت وانسحابات
فقلت لهم : في مثل هذه الحالات أهم قرار ينبغي أن نتخذه أن لا ننسحب من مواجهة الموقف أو أن ندير وجهنا له ، فالخاسر في النهاية هم أبنائنا لأنهم سيعتقدون بأننا لا اعتراض لدينا علي ما شاهدنا ، والأمر الآخر أننا عندما نتحدث معهم في الموقف فينبغي أن نتحدث بإسلوب الحوار وليس الأوامر ، وبطريقة التفاعل وليس التوجيهات ، وذلك من خلال التحدث والإستماع من الطرفين ولا مانع بأن نأخذ رأيهم بما نشاهد حتى نخرج ما في نفسوهم من أفكار وأراء ثم نعلق عليها ونتحاور معهم ، وربما يكون الطفل قد درس في مدارس خاصة أو تأثر بوسيلة اعلامية وتلقى قيم مخالفة لقيمنا ونحن لم نكتشف ذلك ، فيكون الموقف فرصة للوالدين للتعرف علي طريقة تفكير أبنهم وطريقة رؤيته للحياة ، فأكدت إحدى الأمهات علي ما قلته بأنه صحيح وذكرت موقف حصل لها مع ابنها ففي يوم من الأيام كان ولدها يشاهد مسلسلا وفيها ممثل شاذ جنسيا فلما أنكرت الأم ما رأته رد عليها ابنها بأن هذا من حقه وهو حر بما يفعل ،
فمواجهة الحدث بتعليق أو مناقشة أو إدارة حوار حوله من أهم الوسائل التربوية في غرس القيم سواء كان الحدث ايجابيا أو سلبا ، وتوظيف الحدث كذلك مهم فلو مررنا علي كنيسة نتحدث عن الفرق بين الإسلام والمسيحية ، وإذا دخلت الأسرة فندقا ورأي أبنائها فتاة تمشى بصالة الإستقبال بمايوه فيعلق الوالدين علي هذا الحدث بأهمية خلق الحياء والستر والفرق بيينا وبين غير المسلمين في مسألة العورة ، ولو رأي محلا للخمر أو اعلانا لترويج الدعارة أو الشذوذ يتم طرح هذا الموضوع للنقاش مع الأبناء ، ولا نهرب من هذه المسائل فربما يتبنونها أبنائنا ونحن لا نعلم
لقد كان من أسلوب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم استثمار الأحداث وتوظيفها تربويا (فقد كان النبي مع أصحابه يوما وإذا امرأة من السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ضمته فقال رسول الله : أترون هذه طارحة ولدها في النار ، قالوا : لا ، قال : والله لا يلقي حبيبه في النار ) وقصة أخرى لظاهرة كونية (حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم للقمر ليلة يعنى البدر فقال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا علي صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ، فأهم خطوة مواجهة الحدث بالحوار وليس السكوت والإنسحاب