30 سنة في الحرام ويتمني الزواج والإنجاب
دخل علي رجل كبير بالسن وبدأ حديثه معي بحسرة وندامة على ما فعل في الماضى والدموع تنحدر من عينيه فاستغربت من بكائه ولم أفهم ماذا يريد أن يقول فسألته : كم عمرك ؟ قال : خمسون عاما ، قلت له : ولما البكاء ؟؟ قال : لو اقول لك قصتي وماذا فعلت لا تصدقني، قلت له : تفضل فإني مستمع جيد وطالما أنك أتيتني بنفسك فأنت صادق إن شاء الله، قال : بدأت قصتي يوم كنت شابا في مقتبل العمر وتعرفت علي صحبة سيئة تعلمت منهم كيف أتحايل علي النساء وأرتكب المحرمات معهن قبل انتشار التكنولوجيا والشبكات الإجتماعية، وأنا من عائلة محترمة وغنية وعندي خير كثير والحمد لله
فلما كبرت اشتريت بيتا ووضعت فيه خادما وعندي سيارتين وصرت كل يوم أسهر مع واحدة من بنات الهوي في بيتي بمقابل مبلغ مالي اعطيهم اياه ، وقد جربت كل ما يخطر ببالك من المنكرات أثناء السفر أو في بلدي، وهكذا عشت أكثر من عشرين عاما من عمري، ثم توقف عن الكلام وهو يتنهد، فسألته : ألم تتزوج ؟
قال : وهنا بداية القصة التي جئت أستشيرك من أجلها، قلت : تفضل تابع حديثك فمهما ارتكبت من أخطاء فلابد أن تحافظ علي الأمل الذي بداخلك، قال : فأنا لم أفكر بالزواج قط لاني كما أخبرتك أمارس الحرام ، وما أحببت أن أجمع بين الحلال والحرام ولكني لما عزمت علي التوبة وتركت الحرام وقررت أن أتزوج، كانت المفاجأة فقد أصبت بمرض كان بالنسبة لي صدمة في حياتي ولهذا تلاحظني وأنا أتكلم معك دموعي تنزل من عيني من غير إرادة مني، وهذا حالي كل يوم طوال الليل فأنا أقرأ القرآن وأبكي لعل الله يغفر لي ويعوضني خيرا
قلت له : وما هو المرض الذي أصابك ؟ قال : في يوم زواجي لم أستطع الدخول علي زوجتى وأصابني عجز وحرمان في انجاب الأطفال ففي اليوم الذي قررت فيه التوبة وترك ما أنا عليه وقد اشتقت لأن يكون لدي أطفال وولد يحمل اسمي حرمت من هذا كله، وأتمنى أن أعيش سعيدا وأن أرزق بالأبناء ولكنى لا أستطيع تحقيق أمنيتي ولدي شعور بأني قد مت قبل أن أموت ، على الرغم من أني قضيت أكثر من عشرين عاما من عمري مع النساء بالحرام واليوم أريد أن أستمتع مع واحدة فقط بالحلال فلا أستطيع ، ثم بدأ يردد : وما كنت أتصور أن حياتي ستنتهي هكذا بعجز وعدم القدرة على الزواج والحرمان من الأبناء الذين يحملون اسمي ويكونون امتدادا لعمري وأنال الأجر في تربيتهم، ثم سكت فتحدثت معه بكلام أبعث فيه الأمل وأبعد عنه اليأس وأنه طالما تاب إلي الله تعالى ويريد أن يبدأ حياة نظيفة فإن الله سيعينه ولكن لابد أن يصبر علي أثار الحرام ونتائجه
ثم قلت له دعنى أقول لك ما قاله العلامة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عندما سئل عن أكثر حكمة تعلمها من كثرة قراءته فقال : لقد قرأت لأكثر من سبعين عاما فما وجدت حكمة أجمل من تلك التي رواها ابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر) حيث يقول : (إن مشقة الطاعة تذهب ويبقي ثوابها ، وإن لذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها )، فقال : نعم والله صحيح وأنا أعيش عذاب لا يشعر به أحد،
قلت ولكن ليبقى أملك بالله كبير فاستمر في التوبة وعمل الطاعات وكثرة الصدقات لتكفر عن ماضيك خاصة وأنك رجل غني وميسور الحال، قال : وزوجتى عندما عرفت أني عاجز تركتني كذلك، قلت : وهذه من عقوبات ارتكاب الحرام وإني أعرف قصص كثيرة مثل قصتك ولكن الفرج يأتي من عند الله فليكن إيمانك وثقتك بالله كبيرة وانتهى اللقاء