(14) وسائل لتعيش مرتاح البال
عطس فقال الحمد لله، قلت له : يرحمك الله، فرد علي يهديك الله ويصلح بالكم، فقلت له : هل تعلم ما معنى أنك تدعوا (باصلاح البال) ؟ قال : لم أفكر فيها من قبل ولكن أعتقد أن المقصود أن يعيش الإنسان مرتاح وهاديء، قلت : كلامك صحيح أن تعيش وتشعر بأن لديك سلام داخلي، وتكون مطمئن ومرتاح وسعيد، فابتسم وقال : كل هذا أحصل عليه لو استجاب الله لدعوة العاطس، قلت له : نعم، فهي دعوة عظيمة لأن كل الناس اليوم تبحث عن (راحة البال) ومستعدة أن تصرف الغالي والنفيس من أجل أن تصل لراحة البال
قال : صدقت فلا الفقير مستقر ولا الغني مرتاح، والمتزوج لديه معاناة والأعزب يتمنى الزواج، والطالب يفكر بالنجاح والموظف يشتكى من وظيفته ومعاملة زملائه، والمريض يعاني من مرضة والسليم متململ من الدنيا، فالكل يعاني ونادر ما تجد شخص مرتاح البال، قلت له : هذا صحيح لأن الدنيا دار امتحان والآخرة دار استقرار، ولكن مع هذه المعاناة تستطيع أن تعيش مرتاح البال ولديك سلام داخلي، قال : كيف ؟ قلت : هناك عدة وسائل لو عملتها ستكون سعيدا ومرتاح البال، أولها أن تصاحب شخص تحبه، أو تجلس مع صديق تتذكر معه ذكريات الماضي، أو تقرأ كتابا يفيدك، أو تجالس أصحاب المعاناة والمشاكل فتستشعر النعمة التي أنت فيها، أو تلعب رياضة فتتجدد نفسيتك وصحتك، أو تتأمل جمال خلق الله في الكون مثل البحر ولحظات شروق الشمس وغروبها أو الجلوس علي الرمال وتشتم الورود بالحدائق وتراقب حركة الحشرات أو تنظر للحيوانات فهذه كلها تساعدك في تحقيق راحة بالك،
قال : أنا أشعر براحة البال عندما أبتعد عن سماع وقراءة الأخبار، فقلت له : وهذه من وسائل تحقيق راحة البال بأنك تبتعد عن كل ما يوترك أو يعكر مزاجك، مثل الإبتعاد عن صديق سلبي أو شخص متشائم أو تفكر كثيرا بالماضي، فعندما تتعلم من أخطائك بالماضي تكون قد استفدت منه لا أن أن تجلد ذاتك كثيرا وتعاتبها حتى تتحول إلي شخص مكتئب، فإذا عشت السلام الداخلي ستشعر بعدها بالسلام الخارجي وتكون مطمئنا حتى وأنت تواجه مشاكل الدنيا ومصائبها، قال : سأدرب نفسى علي ما ذكرته ولكني أشعر أحيانا بأني أكره بعض الأشخاص وهذا يقلق بالي، قلت : تعلم أن تسامح وتغفر فهذه الأخلاق تساعدك علي تحقيق راحة البال، وقد يساعدك علي ذلك بأن تدعوا لهم أو أن تفعل الخير لهم بمثل هذه الأعمال تكسر النفس وتهذبها وتتحول كراهيتك للأشخاص لمحبة أو تصل لمستوى عدم الحب وعدم الكراهية، فالمهم أنك تكون أفضل من الآخرين وتحقق رضى ربك عليك، فطاعة الله كذلك من أساب راحة البال كما قال تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)،
فهذه هي الراحة الحقيقية وهي الهدوء النفسي دون قلق أو مخاوف أو ضغوط فتشعر وقتها بالسعادة، وإذا أردت مزيدا من الراحة فحاول أن تحول ما ذكرنا من أسباب جالبة للراحة عادة وتمتع بها، قال : إن الوصفة التي ذكرتها لي مهمة جدا سأحاول تطبيقها لأرتاح وأحقق راحة البال، قلت : باقى آخر وسلتين لتحقيق راحة البال، قال : تفضل، قلت : الأولى أن تبتعد عن المعصية حتى لا تعيش معيشة ضنكا، والمعيشة الضنكة هي عكس راحة البال ويتحقق ذلك في الإعراض عن ذكر الله كما قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)، والثانية هي إذا أردت تغيير طبع في إنسان وحاولت كثيرا ولم تحقق نتائج، فلا تستمر في المحاولة وحاول أن تتعايش معه حتى لا تعيش في قلق التغيير دائما، وبالتالي تعيش مرتاحا وتوفر علي نفسك الكثير من الجهد والطاقة والمخاوف فهذه (14) وسيلك تعينك علي راحة البال وانتهى الحوار
@drjasem