وأخيرا اكتشف المليونير كيف يعيش سعيدا !!
في لقاء تلفزيوني سأل المذيع ضيفه المليونير ما أكثر شيء أسعدك في الحياة ؟ فقال الرجل : مررت بأربع مراحل للسعادة حتى عرفت السعادة الحقيقية، الأول : اقتناء الأشياء فكنت أظن أن الإقتناء والحصول علي الشيء الذي أتمناه يحقق السعادة، والثاني : اقتناء الأغلى والأنفس من الأشياء، لكن وجدت أن تأثيرهما وقتي، أما الثالث : فكان امتلاك المشاريع الضخمة كشراء الفرق الرياضية أو المنتجعات السياحية بأكملها، ومع هذا لم أجد السعادة التي كنت أتخيلها بعدما امتلكت المشاريع الضخمة
والرابع : حين طلب مني صديق أن أساهم بشراء كراسي متحركة لمجموعة من الأطفال لديهم إعاقة حركية، بالفعل تبرعت فورا بالمبلغ اللازم لشراء تلك الكراسي، لكن صديقي أصر (دون رغبة مني) أن أذهب معه وأقدم هديتي بنفسي للأطفال، ذهبت معه وقدمت الهدية بنفسي ورأيت الفرحة الكبيرة التي تعلو وجوه الأطفال وهم يستلمون كراسيهم، وكيف صاروا يتحركون في كل الإتجاهات بواسطة كراسي بسيطة وهم يضحكون كأنهم في مدينة ملاهي،
إلا إن ما أدخل السعادة الحقيقية إلي نفسي هو تمسك أحد الأطفال برجلي وأنا أهم بالمغادرة، حاولت أن أحررها من يده برفق لكنه ظل ممسكا بها بينما عيناه تركزان بشده في وجهي، انحنيت لأسأله : هل تريد شيئا آخر منى قبل أن أذهب يا بني؟ فكان الرد الذي غير حياتي كلها وعرفت بعدها معنى السعادة الحقيقية، قال : أريد أن أتذكر ملامح وجهك حتى أتعرف عليك عندما ألقاك في السماء أمام الله فأشكرك مرة أخرى،
إن الأحداث التي نعيشها بالحياة ترسل لنا رسائل يومية لتذكرنا بحقيقة الأشياء والحياة، وكثير من الناس يعيش في غفلة عن معنى السعادة والأنس، فهم يعيشون بسعادة مزيفة ولا يكتشفوا معنى الحياة الحقيقية أو السعادة الحقيقية إلا إذا تعرضوا لموقف مثل هذه المواقف، وكان حينها قلبهم حي وضميرهم متيقظ وعقلهم واعي، وإلا حتى مثل هذه المواقف قد لا تأثر بهم ويستمرون في غفلتهم بالحياة، وهذا الذي وصفه القرآن (بالغفلة) قال تعالى :(وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)، والآية هذه جاءت بالقرآن بعد قصة نجاة جسد فرعون بعد غرقه في البحر، قال تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) فالآية هي العبرة التي يعيشها الإنسان بالحياة سواء كان موقف أو كلمة أو مشاهدة شيء أو قراءة معلومة أو اصابته بمصيبة أو مرض أو خسارة، فهذه كلها رسائل من الله للإنسان لتوقظه من غفلته، وهذا الرجل المليونير على الرغم من دخوله بمشاريع كثيرة كان يظن أنها ستكون سبب سعادته الدائمة ولكنه اكتشف أنها تحقق السعادة المؤقتة، ولم يتوقع في يوم من الأيام أن سعادته الدائمة سيجدها عندها يعطي للآخرين السعادة،
فهذا المفهوم كان غائبا عنه وهو أنه عندما يكون سعيدا فإنه يكون سببا في سعادة الآخرين، سواء كان العمل الذي يقدمه تجاريا أو خيريا، ولكن استشعار السعادة في العمل الخيرى أكبر من التجاري لأنك تقدم شيئا من غير مقابل مادي فتشعر بقوة السعادة واستمرارها وديمومتها، فالحياة أخذ وعطاء ولهذا شجع الله تعالى شجع العطاء جتى يشعر المسلم بالسعادة الدائمة فقال تعالى (فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) ، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان من أجود الناس أي كثير العطاء، ويقول (إن الله كريم يحب الكرم)، فالشعور بالسعادة يأتيك عندما تعطى الآخرين وجميل أن تعطي من يسألك ما هو بحاجة إليه، ولكن الأجمل من ذلك أن تعطى من لا يسألك وأنت تعرف حاجته، فهذه هي تجربة وخبرة المليونير في السعادة وكما قيل (أسأل مجرب ولا تسأل حكيم)