من يبر الوالدين أكثر الأولاد أم البنات؟
من يبر الوالدين أكثر الولد أم البنت ؟ لو طرحنا هذا السؤال علي الناس وأخذنا رأيهم أتوقع ستكون عندنا ثلاث إجابات، الأولى البنات طبعا لأنهم أكثر عطفا وحنانا أما الأولاد فهم مشغولين بحياتهم وأعمالهم، والثانية الولد لأنه يستطيع أن يتكيف مع ظروف والديه وبيده القرار أما البنت فقد تكون متزوجة ومرتبطة مع وأولادها، والثالثة أن البر خلق والأخلاق مكتسبة وليس لها علاقة بالبنات أو الأولاد ولكن من عنده البر مهم، ويقال أن الولد أكثر حنية علي أمه والبنت أكثر حنية علي أبوها والمثل الشعبي يقول (البنت بنت أبوها والوالد ولد أمه) ولكن هذه المعادلة ليست دائمة وأنا أرى أن الإجابة الثالثة هي الإجابة الصحيحة
وهناك قصص كثيرة في البر من الأولاد والبنات وأذكر بالمناسبة من القصص الطريفة أن أحد الرجال دائما يحمل بيده مروحة صغيرة وهو ذو منصب كبير بالدولة، فسأله أحد المرافقين له لماذا دائما تحمل بيدك المروحة الصغيرة وتضعها بجيبك، فقال له أنت ماذا تعتقد ؟ فرد عليه ربما لأن الحر شديد فتحب أن تبرد علي نفسك ، فقال : لا ، قال : ربما حتى تخفف عن نفسك التوتر، فقال : لا، فأجابه بقوله دعنى أجيبك بقصة والدي، فقال : وما علاقة والدك بالمروحة ؟ قال : المروحة من أجل والدي لأن والدي شديد العصبية وعجول جدا، فإذا قدم له الشاي الحار فإنه لا يستطيع الصبر ويريد أن يشربه بسرعة، وأنا لا أريد أن أنفخ لتبريد الشاي لوالدي حتى لا ينطبق علي قول الله تعالى (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) فأستخدم المروحة لتبريد الشاي له
قصة معبرة في بر الوالدين على الرغم من أن الإبن لو نفخ في الشاي لا يعتبر عاقا لوالده ولكن ربما الحساسية التي عنده تجاه العقوق جعلته يتصرف بهذه الطريقة، لأن تعريف العقوق هو إيذاء الوالدين بأي نوع من الأذى سواء كان قليلا أو كثيرا، أو مخالفتهما فيما يأمران به أو ينهيان عنه بشرط أن لا يكون أمرهما أو نهيهما مخالف لأمر الله تعالى، فلو كان مخالف فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن مظاهر العقوق الإعتداء البدني مثل الضرب أو المسك بقوة أو الركل، وكذلك الإعتداء باللسان مثل الشتم والسب أو التهديد والوعيد أو رفع الصوت أو التحقير والإستهزاء، وقد يكون العقوق قرار يتخذه أحد الأبناء مثل أن يتبرأ الإبن من والديه أو يهجرهما ولا يزورهما ويتركهما أو أن يطالبهم بالمال باستمرار مع معرفته بعجزهما أو أن يكون الإبن غنيا وأبويه فقيرين ولا يعطيهما من ماله فيغنيهما، أو يحملهما فوق طاقتهما في مختلف نواحي الحياة، فالبر للجميع ولو كانوا غير مسلمين فقد كان يخاطب أبراهيم عليه السلام أباه المشرك بقوله (يا أبت) وفيها أحترام ومحبة وقرب وهو من البر،
فمنزلة الوالدين كبيرة فهي تأتي بعد المحافظة علي الصلاة ويأتي بعدها الجهاد في سيبيل الله، ولهذا سأل ابن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أي الأعمال أحب إلى الله فقال : الصلاة على وقتها، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين، قلت : ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله )، فالإبن عليه أن يتحسس احتياج والديه ويعرف من نظراتهم ما يحتاجونه، ولا ينشغل في هاتفه أثناء حديث أحد والديه معه فإن هذا التصرف يدل علي عدم الإحترام والإهتمام وهو عقوق، فالتواصل البصري أثناء الحديث من البر،
وأذكر قصة جميلة لفتاة كتبت رسالة باسم والدها بعد وفاته ووزعت الرسالة علي اخوانها وأخواتها وكانت فكرتها كأن هذه الرسالة كتبها والدهم لهم وفيها يطلب منهم الدعاء والصدقة فتحمس الأولاد وعملوا له مشروعا خيريا باسمه وفازت البنت الذكية بالبر بعد الوفاة بهذه الفكرة المبدعة في البر