(4) نساء يسكن قلب الرجل
أعتقد كل من يقرأ عنوان المقال يعتقد أني سأتحدث فيه عن تعدد الزوجات، ولكن المراد بالعنوان خلاف ذلك، فالمرأة الأولى التي تسكن قلب الرجل هي أمه والثانية زوجته والثالثة أخته والرابعة ابنته، فالأولى رضاها من رضى الله، والثانية إكرامها وصية من رسول الله، والثالثة صلتها وبرها يمنحك البركة، والرابعة حسن تربيتها بابك إلى الجنة، فهؤلاء الأربع هن البركة ويسكن قلب الرجل
وهذه ليست خاصة في الرجل فكذلك المرأة فإن عندها أربع رجال يسكن قلبها، فالأول والدها والثاني زوجها والثالث أخوها والرابع ابنها، فالأول رضاه من رضى الله، والثاني طاعته وحسن معاملته وصية من رسول الله، والثالث صلته وبره يمنحها البركة، والرابع حسن تربيته بابها إلي الجنة،
فالوالدين أوصى بهما الله تعالى بحسن برهم بالقول والعمل وعدم إيذائهم بقوله (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما) وكذلك رسولنا الكريم أوصى بهما فقد ( قال رجل : يا رسول الله ! مَنْ أحق الناس بحُسن الصحبة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك فأدناك) ،
وأما وصية الله للزوج بحسن معاملة زوجته ففي قوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف)، والمعروف يعنى بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والخلق الكريم وأداء الحقوق وكذلك وصى رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم بحسن معاملة الزوجات فقال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، ووصى الزوجة كذلك بحسن معاملة زوجها في قوله ( إذا صلّت المرأةُ خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أيّ أبواب الجنة شئت ) والطاعة هنا بالمعروف،
وأما حسن معاملة الإخوان والأخوات فهناك عدة حقوق ينبغي مراعاتها، منها الحق في المال من خلال الوقوف معه في حال حاجته وتفقد أحواله، والثاني إطعامهم وكسوتهم لو كانوا بحاجة لذلك، والثالث مساعدتهم بقضاء حاجتهم لو طلبوا مساعدة، والرابع الحق باللسان بالكلام الطيب وعدم الإهانة والتحقير، والخامس التجاوز عن الخلاف ومغفرة الزلات والأخطاء، والسادس الدعاء له في أثناء حياته وكذلك بعد مماته، فكل هذه الحقوق فيها نصوص شرعية تدل عليها ولكن المقال لا يتسع لذكرها، وهي تقوى روابط الأخوة والأخوات والأرحام بينهم وبين بعض،
وأما بخصوص الأبناء فما نشاهده اليوم التركيز علي الرعاية أكثر من التربية، والفرق بينهما كبير فالرعاية حسن إطعامه ولباسه وتعليمه وأخذه للتنزه والترفيه، بينما التربيته تعنى تقويم سلوكه وغرس القيم والأخلاق والإيمان في نفسه، والمحافظة علي البيئة التي ينشأ فيها، والحرص على أن يكون فكره سليم وعقيدته سليمة وسلوكياته جيدة، ولهذا فإن حسن التربية ثمرتها الجنة كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (مَن عالَ ابنتينِ أو ثلاثًا ، أو أختينِ أو ثلاثًا حتَّى يَبِنَّ ، أو يَموتَ عنهنَّ ؛ كنتُ أنا وهوَ في الجنَّةِ كَهاتينِ . وأشار بأُصْبُعيهِ السبَّابةَ والتي تلِيهَا) ، وكلام الله واضح في توجيه الوالدين بأن يهتموا بتزكية وتربية أبنائهم قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصغار ما هو الحرام والحلال، فقد أخذ الحسن بن علي – رضي الله عنهما – تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((كِخْ كِخْ)) ليطرحها، ثم قال: ((أما شعرت أنَّا لا نأكل الصدقة؟! فتأمل توجيه الطفل الصغير ما هو الحلال والحرام، لأن آل البيت لا يأخذون الصدقة والنبي الكريم يعلم الحسن رضي الله عنه وهو طفل صغير هذه المعلومة، فهذا ما نعنيه بالتربية، فالذي يحرم علي الكبار ينبغي أن يدرب الصغار علي تحريمه ليتعلموا