هل كل شخص يمر بأزمة منتصف العمر؟
سيارة بورش ، عملية تجميل ، صبغ الشعر والذقن ، طلب الطلاق والإنفصال ، كثرة السفر والمطالبة بالحرية ، نزع الحجاب ، ترك التدين والصلاة ، التواصل مع الشباب والبنات الصغار ، أو الرغبة بتجديد الزواج ، تغيير الوظيفة ، كل هذه مظاهر من يصل إلي منتصف العمر تكون لديه الرغبة في عملها حتى يشعر بالتغيير أو أن يشعر بتجديد شبابه
ومصطلح (أزمة منتصف العمر) ظهر في عام 1965 حين صاغه (إليوت جاك)، وفي عام 1976م كتب (جايل شيهي) كتابه الأزمات المتوقعة في سنوات النضج، فنشر فكرة أزمة (منتصف العمر) ثم دعمتها الأفلام السينمائية والمسلسلات والمواقع في النت حتى تساعد في تقديم النصائح لمن يمر بأزمة (منتصف العمر)
ولكن من يتأمل مسيرة الإنسان وحياته يجد أنه في كل مرحلة من مراحل الحياة يحتاج لمراجعة حياته وتغيير بعض سلوكياته، فمرحلة المراهقة مرحلة اضطراب بشكل عام وليس كل مراهق يمر بهذا الإضطراب، ومرحلة العشرينات تختلف عن الثلاثينات، ومرحلة الأربعينات والخمسينات تختلف عن الستينات وهكذا، فمعرفة التغييرات التي تحدث للإنسان في كل مرحلة يساعده على حسن إدارة ذاته واستقرار نفسيته
وقد لا يكون سبب التغيير بشراء الأشياء الثمينة بسبب أزمة (مرحلة العمر)، وإنما قد تكون بسبب توفر المادة بعد طول عمل وتعب في الحياة، وقد عملت أكثر من دراسة علي مرحلة العمر بين 30 و60 ولم يثبت مرور الجميع بما يسمى أزمة (منتصف العمر) ، وأضخم دراسة عملت ل 7195 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 25 و74 عاما تكفلت بتكاليفها مؤسسة كارثر وكانت نتيجتها عكس المتوقع، فقد عبر الأشخاص الذين أعمارهم بين 40 و60 سنة بأنهم صاروا يرون حياتهم بصورة أفضل، وأعربوا بأن حياتهم صارت أكثر سعادة مما كانت عليه، وقد قال ثلاث أرباعهم بأن علاقاتهم مع الآخرين تتراوح بين جيد وممتاز، وتبين الدراسات أن الأشخاص الذين يمرون بأزمة (منتصف العمر) تتراوح نسبتهم بين 10 و26% وقد تعرض لهذه الدراسات كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس
فإذن ليس كل شخص بلغ الأربعين يعني أنه يدخل في أزمة منتصف العمر أو المراهقة المتأخرة، ولكن كل شخص بلغ منتصف عمره عليه أن يكون متفهم لطبيعة المرحلة التي يمر بها والتغييرات النفسية والصحية التي يعيشها، وقتها سيكون مستقرا ومرتاحا وخاصة إذا ازداد من الجانب الإيماني في حياته، وقد سمى الله تعالى هذه المرحلة العمرية بمرحلة (الشكر) ولم يسميها (أزمة)، قال تعالى (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين)، فهذه مرحلة (الشكر) على النعم التي أنعمها الله علي الإنسان في أول أربعين سنة من حياته، ولذلك ينبغي أن يكون أقرب إلي الله تعالى في علاقاته وسلوكه وأخلاقه وعبادته، حينها لا يشعر بالأزمة التي يتحدث عنها علماء النفس
ومن الأمور المهمة التي تساعد من بلغ الأربعين أن يكون سعيدا، أن يكون لديه أصدقاء أوفياء ويشعر بالسعادة أكثر لو كانوا هؤلاء الأصدقاء معه من الصغر، وكذلك يكون لديه نشاط صحي ورياضي فيهتم بالتغذية الصحية ويلتزم ببرنامج رياضي للحفاظ علي لياقته وصحته، وأهم من هذا أن يكون عنده هدف يسعى لتحقيقه أو هواية ينميها أو موهبة يطورها فإنه سيشعر بالسعادة الكبيرة، ويكون أسعد لو أعطى من وقته أكثر لأبنائه وأسرته فيستمتع بالحديث معهم ومشاركتهم همومهم وطموحهم،
وهناك صنف من الناس يعتقد لو صرف ماله أو وقته في السياحة المحرمة أو السهر مع صحبة سيئة وشرب الخمر أو تعاطي المخدرات أو الجري وراء العلاقات النسائية المحرمة بعدما تقاعد وصار فارغا فإن هذا الطريق يقوده للشقاء والتعب والمعاناة في الدنيا والآخرة، وكم من شخص دخل علي بالمكتب والدموع تنزل من عينية لأنه أخطأ الطريق بعد سن الأربعين
@drjasem
د جاسم المطوع