رجل انكسرت رجله فصار غنيا
ورث رجل من أبيه مزرعة تبعد عن المدينة 150 كيلوا وكان هذا إرثه الوحيد من والده، فلما ذهب لمشاهدة المزرعة أكتشف أنها أرض صحراوية جرداء وليس فيها سوى أعشاب برية تعيش فيها الثعابين، فجلس يفكر في كيفية استثمار أرض جرداء لا شيء فيها سوى الثعابين، فوردت في رأسه فكرة للإستفادة من هذه الأرض البعيدة، بأن يعمل في تربية الثعابين السامة ويستثمر في بيع جلودها وسموسها، للإستفادة من جلودها في الصناعة والسموس في الأدوية، وبدأ بتنفيذ فكرته حتى اشتهرت المزرعة وصارت أفواج من السائحين والزوار يذهبون إليها لمشاهدة جلود الثعابين بأشكالها وأنواع السموم وكيفية الإستفادة منها، ونجح الإستثمار بتحويل مزرعة صحراوية ليس فيها إلا الثعابين المسمومة إلي مشروع تجاري اكتسب منه ثروة عظيمة
فاستثمار الأحداث وتحويلها لصالح الإنسان مهارة يتقنها التاجر وقت الأزمات، ويتقنها المؤمن وقت المصائب والمحن، ويتقنها السياسي ليزداد شهرة ونفوذا، فالمحنة تتحول لمنحة والمشكلة تتحول لفرصة إذا لبس الإنسان نظارة تفاؤلية يرى من خلالها الأحداث المحزنة بطريقة إيجابية، فالمرض علي سبيل المثال يلزمك السرير ويجعل كل همك في الحياة الشفاء، ولكنه بنفس الوقت يعطيك فرصة لتراجع أفكارك وحياتك وتعيد التفكير باستثمار طاقتك ومهارتك ويعرفك علي المحبين من حولك، وربما تبدأ تنظر للأمور بزاوية مختلفة، وهناك قصة مشهورة عن رجل كسرت رجله ولزم الفراش شهورا طويلة، فلما أنتهت فترة الرعاية الصحية خرج من المرض وصار خبيرا يقدم استشارات للعاملين في البورصة والأسهم، وسئل ذات يوم من أين لك هذه المعلومات في الإستثمار فأجاب بأنه استفاد من وقته عندما كان طريح الفراش لمدة طويلة بالمستشفى، فكان يشتري ويبيع بالأسهم ويحضر دورات تدريبية ويتعلم مهارات التعامل مع البورصة، فهذا الرجل حول محنته لمنحة وبدل من أن يشتكي من طول الجلوس بالمستشفى، استفاد من فترة العلاج لاكتساب خبرة عملية وتلقي دروس تعليمية في الإستثمار
فموسى عليه السلام القي في البحر ولكنه تربي في قصر فرعون وزلزل عرشه، ويوسف عليه السلام القي في البئر وسجن ولكنه أدار دولة وأنقذ اقتصادها من الدمار، ومحمد صلى الله عليه وسلم أخرج من بلده ووطنه ولكنه أسس دولة في المدينة والمنورة ونشر الدعوة، فكل محنة يمر فيها الإنسان تصنع منه خلقا آخر وتساهم في تربيته وتجعله ينظر للأمور بطريقة مختلفة، ولإبن القيم رحمه الله وهو عالم ومفسر وفقيه كلمة جميلة يقول فيها : تأملت في المرض فوجدت فيه مائة فائدة ومن هذه الفوائد مثل تكفير الخطايا ورفع الدرجات، وقد سرت على نفس هذا المنهج فكتبت كتابا سميته (فوائد المشاكل الزوجية) ووضحت فيه عدة فوائد إيمانية واجتماعية وسلوكية وشخصية وتربوية من كل مشكلة زوجية تحصل بين الزوجين،
فمن يلبس نظارة تفائلية يجد الخير في كل حدث في الحياة، ولعل من القصص الطريفة ما ذكرها أبوحامد الغزالي رحمه الله قال : كان في سالف الزمان ملك يحكم دولة وفي إحدى معاركه مع أعدائه قطعت أُذنه, فقال له وزيره: لعل في قطعها خيراً. فأمر بسجنه. فقال الوزير: وفي سجني أيضاً خير! ومرت السنون وفي يوم ما خرج الملك في رحلة صيد فذهب بعيداً عن مملكته حتى قَبض عليه جماعة من الناس كانوا يعبدون الأصنام. فقالوا لقد وجدنا شيئاً نقربه لإلهنا, فلما هموا بذبحه وجدوه مقطوع الأذن فقالوا لا نقرب لمعبدونا شئياً ناقصاً فأطلقوه. وعند رجوعه أمر بإخراج الوزير من السجن فقال له الوزير: ألم أقل لك إن فيها خيراً, وفي سجني أيضاً خير فلو كنت معك لذبحت بدلاً عنك”، وهذه القصة على الرغم من طرافتها لكنها معبرة ومختصرة لمعنى في كل محنة منحة، ولكن المهم أن يفتش الواحد منا وقت المصيبة والمحنة عن المنح الربانية والإيجابية في كل مصيبة