كيف تعمل اتفاق مع ابنك ؟
من الأفكار الذكية في تربية الأبناء وضبط سلوكهم أن يعمل المربي أتفاق مع الإبن على السلوك الذي يود أن يلتزم به، وهذا الاتفاق نسميه ب (العقد السلوكي)، وقد طبقت هذه الفكرة التربوية علي أكثر من طفل وكانت نتائجها رائعة جدا، من حيث ضبط السلوك وتقويمه من غير عصبية أو عنف، وهذا التكنيك ينجح أكثر مع الأطفال الذين تجاوزت أعمارهم (7) سنوات، لأن الاتفاق السلوكي معهم يشعرهم بأنهم كبارا وليسوا أطفالا، وقد ينجح مع الأصغر سنا ولكن نسبة نجاحه أضعف،
وقد يكون هذا الإتفاق مكتوبا بينك وبين ولدك وفيه بنود وشروط وعليه مكافآت في حالة الإلتزام وعقوبات في حالة عدم الإلتزام، ومن صفات هذا الإتفاق أن يتم وضع البنود بين الطرفين الآباء والأبناء، ويتحاورون بالبنود التي ستكتب بالإتفاق فيكونوا راضين بها، فليس فيه فرض للرأي ولا إجبار، بل تعاون وإتفاق بين الطرفين وهذه ميزة جميلة تشجع الطفل علي الإلتزام بالسلوك، ولهذا أثره التربوي كبير ونتائجه سريعة وفيه احترام وتقدير للطرفين،
فيكتب الأب اسمه كطرف أول ويكتب اسم الطفل كطرف ثاني، وبعدها يكتب موضوع الاتفاق مثل أن يلتزم الطفل باللعب بالألعاب الإلكترونية نصف ساعة يوميا، ثم يكتب بعدها الإمتياز الذي سيحصل عليه الطفل لو التزم بهذا الاتفاق، مثل أن يضاف ساعة للألعاب كل أسبوع في حالة التزامه أو يكتب العقوبة في حالة لو لم يلتزم (بالعقد السلوكي)، ونفضل أن يشارك الطرفين في كتابة الإتفاق، وجميل لو تم تخصيص ملف بالأسرة تجمع فيه الإتفاقات مع الأبناء، أعرف أسرة كلما عملت اتفاقا تعلقه علي الحائط في غرفة الطفل،
ومدة الإتفاق يعتمد علي عمر الطفل، فكلما كان العمر صغيرا كان وقت الإتفاق قليل، وكلما كبر الطفل نزيد في عدد أيام الإتفاق حتي يكون بالغا، وممكن أن يستمر الإتفاق لشهر أو شهرين على حسب نوعية السلوك وعمر الطفل، ولو نجح الآباء بتطبيق فكرة (العقد السلوكي) والإتفاق التربوي بينهم وبين الأبناء فإن هذا يعلم الأبناء عدة مهارات، منها الوضوح والصراحة والتعبير عن احتياجاتهم، بالإضافة إلي الوصول لإتفاق وتراضي بين الطرفين عند الخلاف من غير صراخ أو عنف، فيتعلمون فن المفاوضات وتحديد المسؤوليات والإلتزام وأهمية الكلمة وتحمل مسؤوليتها،
وهذا الذي نذكره كوسيلة تربوية ذكرت في السيرة النبوية فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام رضي الله عنهم (إياكم والجلوس في الطرقات)، ولكن الصحابة تحاوروا مع الرسول الكريم وقالوا له (ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها)، ونلاحظ هنا أنهم عبروا عن احتياجهم للجلوس في الطرقات لأنها مكان اجتماعهم وحديثهم اليومي، فلما سمع رسول الله حاجتهم وتفهم ضرورة طلبهم وافق علي مقترحهم مع وضع بعض الشروط وهو ما نسميه (بالعقد السلوكي)، فقال عليه السلام (فإن أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه) قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال ( غض البصر وكف الأذي ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
جرب فكرة (العقد السلوكي) مع ابنك ستجد نتائجة جميلة وأسلوب تربيتك لإبنك راقية، وحتى ينجح الاتفاق اجعل ابنك يشارك معك فيه ويعبر عن رأيه بالبنود، وأهم صفة في المربي بأن يكون حازما أثناء تطبيق (العقد السلوكي) ولا يعطي فرص كثيرة في حالة مخالفة البنود حتى لا يفقد العقد قيمته وقوته، ولا مانع من التعديل على (العقد السلوكي) بين فترة وأخرى
@drjasem
د جاسم المطوع