تعبت من مقارنة نفسي بالآخرين .. ما الحل ؟
إذا أردت أن تزعزع ثقتك بنفسك قارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تشعر بالإحباط فقارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تشعر بأنك أقل من الآخرين قارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تحس بخيبة الأمل والمرارة قارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تكون لديك مشاعر سلبية تجاه الآخرين قارن نفسك بغيرك، فالمقارنة بالآخرين تدمر حياتك وتحرمك السعادة
فإذا كنت ممن يكثرون المقارنات وأردت أن تعالج نفسك، فعليك أن تنظر إلى نقاط قوتك والميزات التي أنعم الله بها عليك من مال وجمال وعائلة وفهم وحسن حديث وقوة علاقات وكثرة صداقات وحسن تصرف وتدبير الأمور والنجاح في الحياة أو في العمل، ومن التمارين المفيدة في هذا المجال أن تكتب ما يميزك عن الآخرين وتكتب مهاراتك وقدراتك حتى تكون نظرتك لنفسك إيجابية فتكون سعيدا بحياتك وبما عندك
تأمل قصة قابيل وهابيل وكيف أن المقارنة جعلت أحدهما يحسد الآخر ويقتله، وأنا عشت قصصا كثيرة في كره الأبناء لبعضهم بسبب المقارنة بين الإخوان، وقصص أخرى لحالات الطلاق بسبب المقارنة مع من حولهم، فالمقارنة مرض اجتماعي ما لم يتم التعامل معها بطريقة صحيحة تكون سببا في تدمير نفسية المقارن، والتعامل الصحيح مع المقارنة بأن يقارن الإنسان نفسه بنفسه، فيحرص أن يجعل يومه خير من أمسه، وأن ينافس نفسه ولا يركز على منافسة الآخرين حتى لا يتعب نفسه، ويكون همه أن يكتشف الكنز الذي بداخله حتى يعيش سعيدا وراضيا وقنوعا فهذه هي المقارنة الصحيحة
وإذا وقعت في فخ مقارنة نفسك بالآخرين فحاول أن تستفيد من هذه المقارنة بأن تجعلها وسيلة لإلهامك بأفكار ومشاريع جديدة تستفيد منها بتطوير ذاتك، ولعل شبكات التواصل الاجتماعي عمقت وزادت من مرض المقارنة عندما ينظر الإنسان إلي غيره كيف يعيش ويأكل وينام ويسافر فيتمنى أن يكون مكانه ويعتقد أن ما يشاهده عبر الهاتف هي حقيقة حياة الآخرين بينما هي لحظة من حياتهم وربما الحقيقة شيئا آخر لم يشاهده فتكون المقارنة في هذه الحالة ظالمة وخاطئة،
ورسولنا الكريم وجهنا لنوعين من المقارنة، الأولى المقارنة في أمر الدنيا وزينتها، والثانية المقارنة في أمر الدين وأحكامه فقال عليه السلام (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، لئلا تزدروا نعمة الله عليكم)، فالإنسان إذا قارن نفسه بمن هو أقل منه بالمال والصحة والولد والعائلة وكل متاع الدنيا وجد نفسه يشكر الله على نعمه ويحمده عليها، أما لو قارن نفسه بمن هو أعلى منه بمتاع الدنيا دخل بقلبه الحسد وشعر بالألم، أما في أمر الدين فيفضل هنا أن يقارن نفسه بمن هم أفضل منه حتى تكون المقارنة سببا في زيادة أعماله الصالحة، ولا يقارن نفسه بمن هو أقل منه التزاما بالدين فيقتنع بأعماله ويخرج من حلبة المنافسة (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
وإذا أردت أن لا تكون تعيسا بسبب مقارنتك للآخرين فالحل أن تكون قنوعا بما عندك وراضيا بما قسم الله لك، لأن كل قدر يقدره الله فيه خير لك، ولو حصل لك حدث مثل الطلاق أو رزقت بطفل بطيء التعلم أو خسرت بتجارتك أو فقدت والديك أو ابتليت بمرض فانظر لهذه الأحداث بعين الرضا والإيمان واحتسب الأجر فيها، ولا تجعل هذه الأحداث سببا في مقارنتك للآخرين، فالله تعالى كما يقسم الأرزاق بين الناس يقسم الأحداث والآجال بالعدل والتساوي، فلو أعطي لشخص نعمة يحرمه من نعم أخرى ، ولو حرمك من نعمة فإنه يعطيك نعما كثيرا يعوضك بها وهكذا فكن راضيا مطمئنا