(لفت الإنتباه) هل سلوك طبيعي أم مرض نفسي؟
نلاحظ أن (لفت الإنتباه) يستخدمه الطفل ليلفت نظر والديه وتستخدمه الشركات لكسب العملاء وتستخدمه الزوجة ليتعلق زوجها بها أكثر ويستخدمه بعض الشباب للفت نظر البنات، فكل يستخدمه حسب هدفه ولكن هل هذا السلوك طبيعي؟ وهل لو كان الشخص دائما يحب أن يلفت نظر الآخرين يكون ذلك مؤشر لمعاناة نفسية يعاني منها مثل ضعف الثقة بالنفس أو ليثبت نفسه أنه مهم؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال نبين أن معنى (لفت الإنتباه) أن يكون للشخص الرغبة في الحصول على تركيز الآخرين عليه، ويكون هذا السلوك طبيعيا في حالة لو تم استخدامه عند الحاجة وفي الوقت الصحيح، اما لو كان استخدام هذا السلوك بشكل مستمر ودائم ففي هذه الحالة يتحول (لفت الإنتباه) إلى مرض نفسي ويصف علماء النفس هذه الشخصية ب (الشخصية الهستيرية)، وهذا الشخصية لديها عدة صفات من أهمها (لفت الإنتباه) ومنها كذلك الاهتمام الشديد بالمظهر الخارجي، وارتداء الملابس الملفتة، والشعور بالارتباك والضيق لو لم تكن هذه الشخصية هي مركز الاهتمام للآخرين، ومن صفاتها كذلك التقلبات المزاجية السريعة، والشعور السريع بالملل وخاصةً مع اتباع أي نظام لفترةٍ طويلة، وعدم إنهاء المهام التي تتطلب وقتًا كبيرًا لأنها تسوف كثيرا وتأخر تنفيذ المهمة بسبب كثرة التقلبات المزاجية،
أما في جانب العلاقات فتجد صعوبة في إقامة علاقات صادقة وناجحة طويلة الأمد، ويكون لديها القدرة على التمثيل، وسرد القصص الممزوجة بالمشاعر الفياضة، للتمكن من التأثير في الآخر، وتستخدم هذه الشخصية الكذب للفت الانتباه، وغالبا تتمحور هذه الشخصية حول ذاتها وتهتم بذاتها كثيرا، وعدم الانتباه إلى الآخرين، والسعي المستمر وراء كلمات المديح، والحساسية تجاه النقد، والتأثر بالآخرين ونظراتهم وآرائهم، والتسرع في اتخاذ القرارات، قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التهديد بالانتحار للفت الانتباه، أو القيام بتصرف يرفضه الطرف الآخر من أجل الإنتقام منه ولفت نظره
هذا من جانب العلاقات أما فيما يخص الشخص نفسه فقد يكون لفت الإنتباه عنده يدفعه لحب الظهور وهذا مرض قلبي يختلف عن المرض النفسي الذي تحدثنا عنه، ولهذا قال الصالحون (حب الظهور يقصم الظهور) ويقصدون أن من يكون همه دائما الظهور والشهرة من أجل الظهور والشهرة فقط ، فإن هذا غالبا ما ينال استهجان وكراهية من الناس مع عدم التوفيق للخير وهو ما يقصدون به قصم الظهور، وقد وصف الله تعالى أهل الآخرة بأنهم لا يريدون علوا بالأرض فقال تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، فلا مانع من الظهور الطبيعي والذي يكون بوقته الصحيح ولمنفعة الناس، وإلا الأصل هو عدم الظهور كما قال رسولنا الكريم بأن الله يحب العبد الخفي فقال (إن الله يحب العبد التقي الغني والخفي)، فالأصل العمل بالخفاء إلا لو كان إظهار العمل من أجل تعليم الناس أو الإقتداء به
ومن يعاني الشخصية الهستيرية فعلاجها بالتوجيه السلوكي في حالة لو كان للشخص الرغبة في التغيير، أو العلاج مع المختصين في حالة لو كان مرض نفسي، أما لو كانت المشكلة قلبية فعلاجها بالإيمان،