هل تعرف مثل هذه الأسرة مباركة؟
إن أسرة سيدنا إبراهيم عليه السلام مباركة نتعلم منها قيم أسرية كثيرة، فابراهيم عليه السلام أبوالأنبياء وهو خليل الرحمن وأحد أولى العزم من الرسل وأخرج الله من صلبه افضل أمتين وهما العرب وبني إسرائيل واختاره الله لبناء بيته، حاور قومه في صغره بالمنطق والعقل عندما كسر الإصنام التي لا تضر ولا تنفع، وعندما سألوه عن الفاعل قال لهم : أسألوا كبيرهم ليجيبكم، فهذا التصرف الذكي في لفت النظر للحقيقة الغائبة عنهم وهي عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام، فقد كان عليه السلام جريء في الحوار والمواجهة وقول الحقيقة في شبابه
وقراره في ترك زوجته وطفل رضيع بواد لا يصلح للسكن فيه وليس فيه حتى الماء كان قرارا جريئا، ولكن قوة إيمانه بربه ويقينه بأن الله يحفظ أهله ويأمن لهم المعيشة كان سببا رئيسيا في تركهم وقاوم عاطفته لأنه ينفذ أمر الله بتركهم لوحدهم، وموقف زوجته كان أكثر جمالا عندما سألته هل أمرك الله بهذا ؟ فرد عليها : نعم، فقالت : إذن إذهب لن يضيعنا الله، وهذا درس عميق للأسرة التي إذا ارتبطت بالله تعالى وجعلت أوامره منهجا لها فإنها لا تضيع
وإبراهيم عليه السلام هو قدوة في البحث والمعرفة فقد كان يشتاق لمعرفة غاية العلم وذلك عندما سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى فأمره الله أن يأخذ أربعة طيور ويقطعها ويضع كل قطعة على جبل فإن الله يحيها ويردها عليه
وقصته الشهيرة في الرؤيا التي رآها في ذبح ابنه وأنه استجاب لهذه الرؤية لأن رؤيا الإنبياء حق، وتحاور مع ابنه إسماعيل فرد عليه ابنه بقوله (يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ولما رأى الله طاعة إبراهيم وولده ونجحا في هذا الإختبار أرسل له كبشا فداء عن ولده فتم ذبح الكبش وصار هذا الحدث سنة دائمة في للحاج ولغير الحاج إلى يوم القيامة، وكل مضحى يتذكر تضحية إبراهيم عليه السلام وطاعة ابنه له، وأن من يستجيب لأمر الله يبارك الله له حتى ولو كان الأمر خلافا لرغبته وإرادته
وقصته مع زوجته الأولى سارة التي لم تنجب له ولد فاقترحت عليه بأن يتزوج بأخرى وهي هاجر من أجل الولد، وتم الزواج ورزق باسماعيل عليه السلام من الثانية ثم بسبب صبر زوجته الأولى رزقها الله بولد وهو إسحاق عليه السلام، وكان معجزة لأنها كانت عجوزا عقيم، إن من أكبر نعم الله على الإنسان أن يرزقه باسرة مباركة وأولاد صالحين وهذا ما حصل لابراهيم عليه السلام ولهذا قال (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل واسحاق إن ربي لسميع الدعاء)
وفوق هذه الدروس والعبر من حياة وقصة إبراهيم عليه السلام كذلك هو رمز للقلب الطاهر والنظيف والسليم فقد أثنى الله تعالى عليه بقوله (يوم لا ينفع مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم)، وقصته مع النمرود كانت عجيبة وتبين ذكاؤه في الحوار والإقناع وموقفه الثابت بايمانه ومبادئه على الرغم من القائه بالنار فحماه الله وقال تعالى للنار (كوني بردا وسلاما على إبراهيم) ولو لم يقل الله (على إبراهيم) لصارت النار إلى يومنا هذا لا تحرق وإنما هي نار باردة، فاسرة إبراهيم عليه السلام اسرة مباركة ولهذا نحن في كل جلسة تشهد في الصلاة نصلى عليه كما نصلى علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونبارك له كما نبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم