قال كيف أعدل بين زوجاتي ؟
قال : هل من العدل بين الزوجات أن أنفق نفس المبلغ على كل بيت؟ قلت له : كم زوجة عندك؟ قال : اثنتين، قلت : لابد أن تفرق بين العدل والمساواة، قال : وما الفرق؟ قلت : المطلوب هو العدل بين الزوجات وليس المساواة، فليس المراد التسوية العددية في الإنفاق على الزوجات، بل ربما لو ساويت بالنفقة بينهما تكون ظالما، قال : كيف ؟ قلت : إن مفهوم العدالة بين الزوجات أنك تحقق حاجة كل واحدة حسب حاجتها لأن كل واحدة لها حاجتها الخاصة، فمثلًا لو أن إحدى الزوجات مرضت فأنفقت على علاجها مائة دينار فلا يلزمك إنفاق مثل هذا المبلغ على الثانية؛ حيث إنها لا حاجة لها في العلاج أصلًا لعدم مرضها، وإذا كانت الأولى تسكن بمنزل تملكه والثانية في شقة فلا يلزمك أن تدفع مقابل الأجرة للأخرى، وإذا كانت إحداهن تربت على مستوى معيشة معين يقتضي نفقة معينة تعد مرتفعة بالنسبة لما اعتادته الأخرى، فلا يلزمك الزيادة في نفقة الأخرى على ما يكفي لتحقيق حاجاتها، قال : الآن فهمت المقصود بالعدل قلت : وأزيدك أن حاجات الزوجة الموظفة غير حاجات أخرى لا تعمل، وزوجة مريضة غير زوجة صحيحة، والتسوية بينهن لو كانت عددية فهي عين الظلم؛ لأن الزوج عندئذ سيقضي لواحدة منهن حاجتها، في حين لا يقضي للأخرى إلا جزءًا يسيرًا من حاجتها، فالعدالة هنا معناها عدم تفضيل إحداهن على الأخرى في إشباع حاجتها، ولو لاحظت معي أن الله تعالى استخدم لفظ (تعولوا) ولم يستخدم لفظ (تظلموا) في قول الله تعالى (فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة ذلك أدنى أن الا تعولوا)، والمعروف أن كلمة الظلم هي ضد العدل ولكن الله استخدم التعويل لأن معنى كلمة (تعولوا) أي تميلوا وتجوروا، حتى يفهم الرجال أنه بمجرد الميل إلى زوجة واحدة أكثر من غيرها فإن هذا هو الجور والظلم بعينه، والعدل هنا يستند على تقوى الرجل وخوفه من الله، لأن العدل تكليفا على الرجل وواجبا عليه، فالقوانين والرقابة والعقوبات كلها لا يمكن أن تمنع الظلم أو الإعتداء أو العنف الأسري مهما كانت دقيقة ودليل على ذلك أن أكبر نسبة عنف ضد النساء في بلاد الغرب وهي أكثر القوانين حماية للمرأة، والإنسان بطبعه هوائي يميل حيث يميل القلب ويهوى ولهذا حذر الله تعالى الرجال من الميل المادي الذي يتأثر بالميل القلبي ووعدهم بالمغفرة والرحمة إن هم اصلحوا واتقوا قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ ،كما جاء الوعيد والتهديد في حق من مال مع احدي زوجتيه أو فضلها على الأخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقُّه مائلٌ)) قال : إذن العدل يكون في كل شيء ظاهر، قلت : صحيح فالعدل يكون في المسكن، والمأكل، والملبس، والهدايا والرحلات والمبيت، وفي كل شيء ظاهر يمكنك العدل فيه، فكل ما يدخل في استطاعة الانسان يجب عليه العدل فيه بينهن أما مالا يستطيع التحكم به ويكون تحت سيطرته مثل ميلان القلب ففي هذه الحالة لا يجب فيه العدل لأن الحب ليس باستطاعة الإنسان التحكم بمشاعره ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم هذا قَسْمي فيما أَملِك، فلا تلمني فيما تَملِك ولا أملِك ))، قال : شكرا لك الآن فهمت الفرق بين العدل والمساواة