اخواني في قلوبهم قسوة وجفاء على
كثرت الخلافات والقطيعة بين الأخوة والأخوات حتى صارت ظاهرة في مجتمعنا، فقد كان سابقا الخلاف محصور في العائلة ثم انتقل إلى المخافر والمحاكم واليوم وصل إلى شبكات التواصل الاجتماعي، فكل واحد من الأخوة يفضح الآخر ويتكلم عنه بسوء، مثل هذه الظواهر السلبية بدأت تكثر في مجتمعاتنا وأحيانا يكون سببها قديم من أيام الطفولة، بسبب وجود الغيرة والتنافس أو ظلم الكبير للصغير أو سوء تربية الوالدين بالتفرقة بين الإخوة الأشقاء وغيرها من الأسباب حتى وصل الخلاف إلى الأبناء والأحفاد فالعلاقة بين الإخوان مهمة ومفيدة حتى قال مصطفي السباعي (الإخوان ثلاثة أخ تتزين به وأخ تستفيد منه وأخ تستند إليه فإذا ظفرت بمثل هذا فلا تفرط فيه فقد لا تجد غيره)، ولهذا يعجبني من الإخوان من يكون سريعا في حل أي مشكلة أو خلاف حصل بين الإخوة، وأعرف عائلة فيها ستة من الإخوة بعدما توفي والدهم اجتمعوا لتقسيم الميراث، وصار خلاف بينهم على التقسيم ولكن كان أصغرهم كلما سألوه ماذا يريد يقول لهم اختاروا أنتم الأول وأعطوني المتبقي، فاستغربوا من جوابه فرد عليهم قائلا : أنا عندي أن يستمر الحب بيننا وتكون قلوبنا صافية على بعض هو أفضل وأغلي ميراث نعيش به، فتأثر الأخوة بكلمته وصار كل واحد منهم متسامح مع الآخر ولهذا مهم جدا أن يسعى الأخوة لحل الخلاف لو حصل بينهما بأسرع وقت، وأن لا يورثون هذا الخلاف لأبنائهم حتى يحافظوا على تماسك الأسرة، ولا مانع في بعض الخلافات أن يتم اللجوء لكبير العائلة بدلا من الخصام إلى المحاكم، فنحن كمسلمين لدينا قيمنا ومبادئنا الاجتماعية والإسلامية في الحفاظ على العائلة وتماسكها بخلاف الواقع الغربي، فإن العلاقة بين الإخوة في الغرب غالبا ما تنتهى بعد عمر العشرين سنة عندما يستقل كل واحد بحياته ولا يكون بينهما تواصل إلا للمصلحة، لأن التربية عندهم قائمة على عدة قيم منها (تعزيز الأنا)، ولا اعتبار (لكلمة الكبير العائلة) ولا يراعون (فارق السن) ولا يوجد عندهم قيم (للترابط العائلي وصلة الرحم)، فالحياة عندهم قائمة على المصلحة والمادة أما نحن فنظرتنا للترابط العائلي وقوة العلاقة بين الأخوة والأخوات مختلفة، فالحب بين الأخوة مطلوب فقد قال رسولنا الكريم ( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وتقدير العمر مطلوب كذلك فقد قال رسولنا الكريم ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا)، والعدل والمساواة أهم مبدأ تربوي من الوالدين تجاه الأبناء ليحافظوا على قوة العلاقة بين الإخوان، فيكون العدل في العطاء والمنع، وفي الثناء والتوبيخ، وفي العقوبة والمكافأة، وفي التكليف والإعفاء، والقرآن الكريم ضرب لنا مثلا في جريمة القتل التي حصلت بين الأخوة قابيل وهابيل حتى نتعلم أن الحسد والغيرة من أكبر أسباب التفرقة والمشاكل بين الأخوة، وقصة يوسف عليه السلام نتعلم منها عدم التمييز في التعامل بين الأخوة كبارا وصغارا، سواء وقع يعقوب عليه السلام في التمييز أو لم يقع فإن أبناؤه شعروا به فهذا هو الفرق بين تربيتنا والتربية الغربية، فالتربية الغربية تسعى لغرس الحب بين الإخوان ولكن لا تربط ذلك بالإيمان بالله، لهذا تجد روح الأنانية والجشع يسيطر على الأخوة، فأما نحن فالإيمان أولا لأن العلاقة بين الأخوة قبل أن تكون علاقة نسب ودم فهي علاقة بأمر الله، ثم تأتي قيمة الاحترام والتعاون والإيثار والتسامح والعدل والإحسان، لو طبقنا هذه القيم لما كثرت المشاكل والخلافات بين الأخوة والأخوات، ولما قال القائل إخواني في قلوبهم جفوة وقسوة على