هل تصل الغيرة بين الإخوان للقتل؟
هل تتوقع أن الغيرة بين الأخوة قد تؤدي للقتل ؟ هذا ما حصل ليوسف عليه السلام عندما القوه اخوته بالجب، وأصل المشكلة التربوية هي (التمييز في الحب)، لأن يوسف وأخوه من أم أخرى وربما توفيت أمه فزاد عطف والده عليه، مع تميزه وذكاؤه وظهور بوادر النبوة المستقبلية له هكذا كان يراه والده، لكن أخوانه يرونه بطريقة مختلفة وهي (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلي أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين) فقرروا معاقبة والدهم على حبه الظاهر والزائد ليوسف وأخيه بنيامين، لأنهم شعروا أنهم على الهامش وبرايهم أنهم أولى بالإهتمام العاطفي لأن عددهم أكبر وسنهم أكبر، فكيف يهملهم والدهم من أجل غلام صغير؟
ويعقوب عليه السلام يعلم غيرة وحسد أخوة يوسف له ولهذا نصحه بعد ذكر الرؤيا التي رآها عليهم، (قال يا بني لا تقصص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين)، ولكنه لم يكن يتوقع ويعلم أن الغيرة والحسد ستوصلهم إلى قتل أخيهم والتخلص منه، كان يتوقع أن يكيدوا له بالإيذاء النفسي أو الجسدي مثل الضرب، وحتى لو كان متوقع القتل فإنه يعلم من خلال الرؤيا أنه سيكون ليوسف شأن في المستقبل، ولهذا عندما طلبوا منه أن يسمح لهم بأخذ يوسف ليلعب معهم حذرهم من أن يأكله الذئب، فيبدوا أنهم كانوا يعيشون في وقت كانت الذئاب تهاجم البشر، ويعقوب عليه السلام لم يكن خائفا من الذئب وإنما كان خائفا من إهمال أبنائه وغفلتهم عن يوسف ولهذا (قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) فكان يخاف من غفلتهم
ويعقوب عليه السلام وافق على طلبهم لأنه يعرف أبنائه، فهم تربوا في بيت النبوة وهم يخافون الله وحريصون على رضى أبيهم وأعطوه الأمان (قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون) فهذا الخطاب المعلن ولكن الحقيقة هم كانوا يريدون شيئا واحدا وهو حب أبيهم واهتمامه بهم، ولو وضعنا أنفسنا مكان يعقوب عليه السلام الذي يحرص على تربية أبنائه تربية سليمة ويعزز عندهم الثقة والقوة والشجاعة وتحمل المسؤولية فإننا سنوافق على طلب أن يلعب الأخ الصغيرة مع اخوانه الكبار حتى لو كنا نخاف من اهمالهم له، ونعطيهم فرصة ليثبتوا أمانتهم ووعدهم فهذه هي التربية
ولكن المشكلة الحقيقية كانت في (التمييز بالحب)، وهناك أشكال كثيرة لتمييز الآباء للأبناء، منها أن يميز الكبير على الصغير أو في الغالب يميز الصغير على الكبير، ويكون التميز في المعاملة والعطاء المادي والملابس والإستجابة للطلبات والإهتمام والرعاية والعاطفة والحب، وأحيانا يكون التمييز بالمفاضلة التربوية فإذا أخطأ الكبير يعاقب وإذا أخطأ الصغير نفس الخطأ لا يعاقب، وأحيانا يكون التمييز بسبب الشكل فيميز الطفل بسبب جماله، أو سلوكي بسبب خفة الدم أو بسبب الجنس فيميز الصبى على البنت أو البنت على الصبي وهو أخطر أنواع التمييز فيكون الولد هو الأقرب والأعلى مرتبة حتى لو أخطأ
فقصة يوسف مدرسة تربوية تعلم الآباء عدم التمييز بين الأبناء لغرس الحب والتعاون بين الإخوان، فلا نستهين بغيرة الأبناء لأن أقوى سبب للغيرة (التميز في الحب) مهما كانت دوافع الحب، ربما تقول هو الأصغر أو الأذكى أو الأكثر ارضاء لي أو الأضعف أو الأجمل أو الأكثر نجاحا ….الخ، فالتميز قنبلة موقوته بين الأخوة وعلينا دائما أن نتصرف بتوازن وحكمة حتى لا تصل الغيرة للحقد والكراهية والتفرقة بين الإخوان وربما تصل للقتل