(14) وسيلة للخطة الإيمانية للمراهقين
سن البلوغ هو سن التعريف والتكليف وليس سن التبرير والتخفيف، ان الثقافة الغربية اطلقت على سن البلوغ اسم المراهقة وجعلتها فترة تبرير وتخفيف، في المقابل اعتبر الاسلام بمنهجه القرآني والنبوي ان سن البلوغ هو سن التعريف والتكليف، والتعريف والتكليف يحتاجان للحزم في التوجيه والارشاد وفي الحوار والاقناع، ولا يكون ذلك الا بالمتابعة والمراقبة والمحاسبة والمعاقبة
وسأعرض لكم بهذا المقال عشرة قيم ومبادئ إيمانية ذكرها القرآن الكريم لكي نغرسها في أبنائنا عندما يبلغوا سن التكليف أو بما يسمى مرحلة المراهقة وأغلب هذه النصائح والوصايا العشرة هي من وصايا لقمان لإبنه وتصلح لأن تكون خطة إيمانية تربوية للشباب والبنات المراهقين وهي : أولا التوحيد الخالص لله بكل مستلزماته والنهي التام عن الشرك بكل انواعه، واستشعار مراقبة الله ومعيته في كل حين وفي كل حال، ثانيا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتعلق به والتعرف على سنته وسيرته واتباع سبيل المؤمنين ومصاحبة المتقين والابتعاد تماما عن سبل الضلال وعن اصدقاء السوء، ثالثا الايمان بيوم القيامة والاستعداد له والحرص على الفوز فيه بالجنة والابتعاد فيه عن النار
رابعا توقير الوالدين والشكر لهما والبر بهما ومصاحبتهما وطاعتهما في الدنيا معروفا، خامسا اقامة الصلاة حق اقامتها بشروطها واركانها وعلى اوقاتها وبمقاصدها التي تبعد صاحبها عن الفحشاء والمنكر، سادسا معرفة الحلال و كل انواع البر والمعروف والامر به ومعرفة الحرام وكل انواع المنكر والنهي عنه، سابعا ادراك حقيقة الحياة بمحنها ومنحها، بحلوها ومرها، بنعيمها وجهادها، بالمها وحزنها، بسعادتها وحزنها، والتعامل مع ذلك كله بالشكر الجزيل وبالصبر الجميل، ثامنا التعرف على حقيقة الانسان وضعفه وعجزه وقصوره وحاجته لله وحاجته للآخرين، وتعليمه التواضع والرحمة وعدم التكبر والاستطالة على الناس وعدم الشماتة بهم والتنمر عليهم، تاسعا احترام طريق الناس وسلامة الناس وعدم تعريض نفسه وتعريضهم للاذى، والالتزام بالروية والقصد في المشي والابتعاد الكامل عن السرعة والتهور، عاشرا التحكم بالصوت ونبرته واحترام الناس في المخاطبة والابتعاد عن اقلاق راحتهم او التسبب بازعاجهم
فهذه عشرة وصايا تصلح لأن تكون خطة تربوية متكالمة في الجانب الإيماني والإجتماعي للمراهقين، وهناك وصايا قرآنية زيادة على هذه الوصايا تصلح لمرحلة المراهقة مثل تعليمهم اداب الاستئذان والدخول على الوالدين واحترام خصوصيتهما، واختبار اهليتهم لتحمل المسؤولية وتسليمهم اموالهم او تكليفهم بالأعباء المالية والمنزلية حسب قدراتهم واستعداداتهم، والحوار معهم وتلقينهم الحجة والبيان وتعليمهم فن الانصات والاستماع وفن المخاطبة والحوار والاقناع مع الدعاء الدائم لهم بالتطهير والتثبيت واليقين، والمسارعة في التزويج اذا كانوا قادرين على ذلك ماليا ونفسيا وجسديا وامرهم بالصبر والعفة والصوم اذا كانوا غير قادرين على ذلك،
وكل ما ذكرته ذكر في القرآن الكريم ولكني لم أذكر الآيات الدالة لأن المقال لا يتسع، وهذا المنهج القرآني في تربية المراهقين هو الذي خرج لنا قادة وفاتحين وأبطال في سن صغير، فاسامة بن زيد عمره (18) سنة يقود جيشا إلى الشام، وزيد بن ثابت عمره (13) سنة أصبح من كتاب الوحي وتعلم السريانية واليهودية في 17 ليلة وأصبح ترجمان الرسول وحفظ القرآن، وعبدالرحن الناصر (21) قام بنهضة علمية في الأندلس حتى تودد إليه قادة أوربا، ومحمد الفاتح (22) سنة فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، كما أن كبار أئمتنا كانوا فقهاء وحفظة متقنين قبل بلوغ (20) سنة وهم الإمام البخاري ومالك والشافعي والقائمة تطول ولكني أذكر بعض النماذج من أجل بيان أن المنهج القرآني في تربية الشباب والبنات المراهقين هو المنهج الأساسي وهو الذي يخرج لنا جيلا مميزا إيمانيا