هل تعاقب ابنك عقوبة سلبية أم إيجابية؟
هل سمعت عن العقوبة الإيجابية والسلبية؟ فالآباء والأمهات في الغالب يعاقبون أبنائهم عند ارتكاب الخطأ ولكن هل فكرت أن تسأل نفسك إذا كنت أنت تعاقب ابنك عقوبة إيجابية أم سلبية ؟ وما الفرق بين العقوبتين ؟ وهل الثواب أم العقاب يفيد أكثر في تغيير السلوك؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عليها بهذا المقال
العقوبة الإيجابية هي أن تلزم طفلك بعمل سلوك معين يكره فعله نتيجة لسلوك خاطئ ارتكبه، أما العقوبة السلبية فهي عكس العقوبة الإيجابية بأن تلزم طفلك بعمل سلوك معين يحبه إذا توقف عن السلوك الخاطئ، وسأضرب بعض الأمثلة لتوضيح الفرق بين العقوبة الإيجابية والسلبية وقد تحدث العالم (اسكنز) عن هذه النظرية
وفي كل الحالات لابد أن نعرف أن التغيير الذي أحدثناه في سلوك الطفل نابع من الخوف من العقوبة وليس تغييرا حقيقيا، ولكن الهدف من العقاب سواء كان إيجابيا أم سلبيا أن نحدث تغيير في التخفيف من تكرار السلوك الخاطئ عند الطفل، فلو كان أخوان اثنين يتشاجرون كل يوم مرة، وطبقنا عليهم العقوبة الإيجابية أوالسلبية، فيفترض أن لا يحدث شجار يومي وإنما قد يحدث شجار كل يومين أو كل ثلاثة أيام مرة أو ربما يتوقف الشجار، فالعقوبة بشكل عام سواء كانت إيجابية أو سلبية لا توقف السلوك الخاطئ وإنما تخفف منه ونادرا ما تمنعه إلا لو قرر الشخص أن يمتنع من السلوك الخاطئ
ومثال على العقوبة السلبية لو كان ابنك مهملا في دراسته ويفضل اللعب على الدراسة وتريد أن تعاقبه عقوبة سلبية فإنه عليك أن تضع له حافز بحبه يحفزه على التغيير، مثلا لو كان يحب اللعب بالألعاب الإلكترونية فتقول له لو درست اليوم وأنهيت واجباتك سأخصص لك ساعة كاملة تلعب بها لعبتك الإلكترونية، أما العقوبة الإيجابية في نفس المثال فإنك تلزمه بسلوك يكرهه مثل أن تصرخ عليه من أجل أن يلتزمه بدراسته أو تقول له اجلس بغرفتك ولا تتكلم مع أحد لمدة ساعة وهو يكره هذا السلوك
فالتربية لا تعنى الشدة والصراخ والعصبية والشتم وإنما التربية هي مساعدة الطفل على تعديل سلوكه الخاطئ وتهذيب أخلاقه وهي التزكية التي وصفها الله (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، ولا يصح أن يكون العقاب بما بخالف ما نهانا الله عنه مثل التحقير والشتم والاستهزاء والظلم والعدوان، واستخدام مبدأ الثواب والعقاب لتغيير السلوك الخاطئ، ولكن السؤال هو أيهما يأثر أكثر بالطفل هل الثواب أم العقاب؟
والجواب هو أن الدراسات تفيد أن أثر الثواب والعقاب على الحيوانات مفيد جدا في تغير سلوكها بسرعة، أما الإنسان فإنه يتأثر في الثواب أكثر من العقاب، وابن خلدون عالم الاجتماع حذر من استعمال الشدة في التربية فقال من يربى على الشدة والقهر تكون النتيجة أن يتعلم الإنسان الكذب خوفا من الشدة ويميل للمكر والخديعة، ومن كلام سحنون الفقيه العالم في وصية لمعلم ابنه : (لا تؤدبه إلا بالمدح ولطيف الكلام ، وليس هو ممن يؤدب بالضرب أو التعنيف)، أما ابن مسكويه العالم السلوكي فإنه يرى الموازنة بين الثواب والعقاب ويقول : (ليمدح الطفل بكل ما يظهر من خلق جميل وفعل حسن ويكرم عليه ، وإن خالف في بعض الأوقات لا يوبخ ولا يكاشف بل يتغافل عنه المربي ولا سيما إن ستر الصبي مخالفته فإن عاد فليوبخ سراً ، ويعظم عنده ما أتاه ويحذر من معاودته فإنك إن عودته التوبيخ والمكاشفة حملته على الوقاحة)، فالكل يؤيد التقليل من العقوبة وتغيير السلوك باللطف والرفق.