ابني يقول أين رحمة الله في موت الأطفال بالزلزال ؟
بمناسبة حدوث الزلزال الأخير قال ابني : أين رحمة الله تعالى في موت الأطفال من الزلازل؟ وما ذنبهم يموتون تحت الركام ؟ وأين عدل الله في التعامل مع الأطفال الفقراء فيزيدهم معاناة بتشريدهم ويتمهم وبعدهم عن أهلهم ؟
قلت : إننا عندما نرى مشاهد مؤلمة أو كوارث طبيعية تدمر البيوت وتميت الناس، فإننا ننظر إلى المشهد من ظاهره، بينما هناك حكم كثيرة قد تكون خافية علينا، أو هناك رحمة عظيمة لهذه الحوادث نحن لم نشاهدها ولكن الله يعلمها، فالله تعالى هو المحيي والمميت، وهو الرحمن الرحيم، وهو الذي يفعل بالكون وبنا ما يشاء، وكل ما يفعله رحمة فلا يظلم أحدا، وهؤلاء الأطفال الذين يموتون بالكوارث لهم آجال مكتوبة وأعمار محدودة، فالطفل عندما يموت يضمن الخلود بالجنة وهذه نعمة عظيمة لا نحس بها ونحن نرى مشاهد الألم
كما المؤمن الذي يموت تحت الإنقاض بسبب الزلازل فهو شهيد حي عند ربه، وكل ما تعرض له من رعب وفزع فإنه سينجيه من الفزع الأكبر يوم القيامة، فالدنيا دار ابتلاء والله يبتلى المؤمن ليكفر عن خطاياه ويزيد من درجاته وحسناته، وهذه الكوارث لا تفرق بين مسلم وغيره لأن لها حكم كثيرة، فبريطانيا مثلا في العام الماضي غرقت بالفيضانات وأستراليا شب فيها الحريق وأمريكا منذ فترة تجمدت بعض ولاياتها، وبلاد تتعرض للجفاف وأخرى للأعاصير والبراكين، واليابان دمرت بقنبلة نووية وأروبا دمرت بحربين عالميتين مات فيهما مائة مليون والآن الحرب دائرة في كثير من الدول،
فالكوارث الطبيعية رسائل ربانية فيها التنبيه والتخويف والإنذار والتمحيص والعذاب، وهناك حكم أخرى لا يعلمها إلا الله، والمؤمن مبتلى فلو مات طفل صغير يكون من طيور الجنة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : توفي صبي فقلت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا )، وإذا تضرر الكبير أو مات فله أجره وثوابه
فنحن هكذا نرى أحداث الدنيا وكوارثها، فالحكمة من الابتلاء متنوعة، ولكن المهم أن يتعلم الإنسان الدروس من الابتلاء ويعرف كيف يتعامل معه لو تكررت الكوارث عليه مرة أخرى، وهكذا فعل يوسف عليه السلام مع كارثة المجاعة لما جاءت فقد وضع خطة لمواجهتها ونجح في التعامل معها، وكذلك نوح عليه السلام استعد لكارثة الفيضان والغرق فبنى سفينة النجاة فأنقذ من معه من البشر والحيوانات، ولكننا اليوم نحن تخلفنا عن مواجهة الكوارث ومقصرون في التخطيط لمواجهتها، بينما اليابان تعلمت كيف تقاوم الكوارث والزلازل بتقنية تتكيف معها فتكون الأضرار الناتجة عليها قليلة
قال ابني : فهمت كيف ننظر لأحداث الحياة ولكن الكوارث فرقت بين أفراد الأسرة وأبعدت الأطفال عن آبائهم، قلت : هذا صحيح في الدنيا ولكن الله تعالى يجمع بين الأطفال وأهلهم في الجنة إذا تفرقوا بالدنيا، فالعائلة المؤمنة في الدنيا عائلة مؤمنة في الجنة ، قال تعالى : (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين)، فنحن دائما ننظر لأحداث الحياة بعينين الأولى عين دنيوية والثانية عين أخروية، وهذا الفرق بين عيوننا وعيون الآخرين من غير المسلمين، وانتهى الحوار.