المرأة لابد أن تذوب شخصيتها بالرجل.. مارأيك؟
قال : أنا لا أرى أن يكون للمرأة شخصية مستقلة وقوية، قلت : ماذا تقصد ؟ قال : الأصل أن تذوب شخصية المرأة في الرجل سواء كان هذا الرجل أبوها أو زوجها أو حتى رئيسها بالعمل، فالأصل في المرأة أن تكون تابعة، قلت: من أين جئت بهذا الكلام؟ قال : لأن الله خلق حواء من آدم فهي تابعة له ومنه خرجت ولم يخلقها مستقلة فشخصيتها لابد أن تذوب بالرجل
قلت : فهمك خاطئ لأن الله خلق آدم وحواء من نفس واحدة ومن طين واحد، ولكن بعد ذلك أخرجها من آدم ليكون هو سكن لها وهي سكن له، قال : كيف ؟ قلت : قال تعالى ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها)، قال : لم أنتبه لهذا المعنى، قلت : ولو كانت المرأة تابعة ليس لها شخصية، وشخصيتها تذوب في الرجل كما قلت، لما كان التكليف للإثنين، والتقصير حصل من الإثنين، والعقوبة نزلت على الإثنين، والعتاب حصل للإثنين، وإنما كان يكفي أن يكون التكليف لواحد وهو آدم لو لم يكن للمرأة أي اعتبار واحترام
قال : وضح لي أكثر ماذا تقصد؟ قلت : تأمل معي هذه الآية التي تفيد أن التكليف للإثنين وليس لآدم فقط ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) لاحظ (وكلا) و (ولا تقربا) و (فتكونا) فالخطاب للإثنين، وهذا دليل أن لكل واحد منهما شخصيته المستقلة، وأما الذنب والتقصير فتأمل الآية ( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ) لاحظ (فدلاهما) أي الشيطان و (ذاقا) و(طفقا) فالخطاب للإثنين كذلك، وأما العتاب فتأمل الآية (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ) ولاحظ (ناداهما) و (ألم أنهكما) و (أقل لكما)، وحتى التوبة لم تكن فقط للرجل الزوج وإنما للإثنين معا فتأمل (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) لاحظ (قالا) و(وإن لم تغفر لنا) و (وترحمنا) و (لنكونن من الخاسرين)،
قال : ما كنت أتوقع القصة بهذه الطريقة وأن الإثنين مشتركين مع بعض بقراراتهما وكل واحد منهما مستقل بذاته، قلت : وكذلك العقوبة للإثنين فلو كانت المرأة شخصيتها تذوب بالرجل وليس لديها شخصية وتفكير مستقلين لما كانت العقوبة للإثنين فقط وإنما تكون لواحد فتأمل الآية ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ) لاحظ أن الإثنين هبطا ونالا العقوبة
قال : صحيح، لقد غيرت نظرتي للمرأة، قلت : ان التكليف الاول والتقصير الأول والعتاب الأول كان للزوجين وكذلك العقوبة، فهذا يعني ان للزوجة شخصية مستقلة قوية يجب ان تتمسك بها، وعليها كذلك أن تسخر شخصيتها لصالح زوجها وصالح اسرتها ومجتمعها في طاعة ربها، فذوبان شخصية المرأة في الرجل أو الزوجة في زوجها ليس مطلوبا ابد، وان تبعية الزوجة العمياء لزوجها خطأ كبير بل خطيئة كبرى ،وتبعية المرأة للرجل من غير تفكير ظلم للمرأة، فالعلاقة في الإسلام بين الرجل والمرأة علاقة تعاونية تكاملية تناصحيه تشاورية لا علاقة مسخ وعزل وتبعية وذوبان، فأول دور اجتماعي للرجل وهو آدم كان زوجا تسكن إليه المرأة، وأول دور اجتماعي للمرأة وهي حواء كان سكنا للرجل، قال : شكرا على التوضيح وانتهى الحوار بيني وبين من كان يظن أن المرأة ليست إنسانا يحترم لها كيانها وشخصيتها،