(6) أشياء تزيد من قيمتك لنفسك
قال شاب أريد أن أكون مشهورا ليكون لي قيمة، فاستغربت من طريقة تفكيره وبنفس الوقت لا الومه لأنه يرى الناس تصفق وترحب للمشاهير، سواء كان المشهور لاعبا أو ممثلا أو مقدما لمحتوى بشبكات التواصل ولو كان المحتوى تافها، المهم أن يكون مشهورا، فهل الإنسان يكتسب قيمته بشهرته؟ هذا سؤال مهم!
فهناك مفاهيم خاطئة نعتقد أنها صحيحة مثل : كلما ازداد الإنسان غنى ازدادت قيمته، أو كلما ازداد شهرة أو ازداد ما يملكه من ماديات أو ازدادت الماركات المشهورة التي يلبسها ازدادت قيمته، فمفهوم القيمة صار مفهوما ماديا وهذا ليس صحيحا، فالإنسان قيمته تزداد بستة أمور وهي :
أولا تزداد قيمته بما يعطي لا بما يملك، فالعطاء يعنى العمل، والإنسان خلق ليعمل لا ليكسل أو ليلعب، مثل الطير خلق ليطير والسمك خلق ليسبح وكل خلق لما هو ميسر له، أما الإنسان فخلق ليعمل ويعبد الله تعالى،
ثانيا تزداد قيمته بحجم المنافع التي يقدمها لنفسه وللآخرين من مساعدة أو أعمال أو خدمات أو دعم معنوي أو مادي،
ثالثا تزداد قيمته بزيادة علمه ورقي أخلاقه وحسن أدبه وأثره الطيب، وكلما ازداد علمه وأثره الطيب كلما ازدادت قيمته عند الناس وعند ربه، وهذه الأمور تحتاج منه لجهد وعمل ومجاهدة نفس حتى ترتفع قيمته،
رابعا تزداد قيمته عند معرفته بنقاط ضعفه فيقويها ونقاط قوته فيستفيد منها، ومعرفة مواهبه وقدراته فيستثمرها استثمارا صحيحا، فمعرفة الإنسان لذاته والعمل على تطويرها وتزكيتها تكون من أسباب تميزه وتأثيره وزيادة قيمته، نلاحظ أن الموظف كلما كان لديه مواهب وقدرات أكثر كلما ارتفع سعره وازدادت قيمته،
خامسا وهو سبب مهم جدا، أن يكون عنده هدف في الدنيا يحققه، وهدف في الآخرة يسعى له، فيشعر وهو يجتهد لتحقيق أهدافه أنه ذو قيمة حتى ولو لم يكن مشهورا أو كان فقيرا، وهذا السبب يجعله شغوفا في الحياة وحريصا على العمل والحركة المستمرة ليحقق أهدافه، ومن وصايا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن تكون الهمم عالية لا واطية، وأن تكون الأهداف كبيرة لا تافهه (إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها)، فكلما كبرت أهدافك ازدادت قيمتك
وهناك بعدا تربويا وهو السبب السادس، أنه يكون قد تربى أثناء طفولته على الاحترام والتقدير لا على العنف والتدمير، وفي صغره تربى في أسرة تستمع لرأيه وتناقش أفكاره، وتحاوره لا تهمشه أو تهمله فيشعر بأنه لا قيمة له بالأسرة وبالتالي لا قيمة له بالحياة، فالإنسان لابد أن تكون له شخصية مستقلة، ولو رأي وموقف حتي يشعر بأنه محترم وذو قيمة، ولهذا وصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن لا نكون أمعة يعنى نقلد الناس من غير تفكير، فقال (لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع الناس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِمُوا)،
الإنسان الإمعة يجعل رضى الناس أهم من رضى رب الناس، ولا يكون له هدف في الحياة وهذا هو الشخص التافه الذي لا قيمة له، فلو صادقت شخصا تافها فلا تستطيع اجبار الناس على احترامك، وأن ينظروا لك بأنك ذو قيمة، فهذه ستة أسباب تجعل الإنسان ذو قيمة، أما الشهرة أو التعلق بالماركات والماديات فهذه لا تضيف للإنسان قيمة، ولو أضافت له قيمة فإن قيمتها مؤقته، وتكون قيمتها عند من يرى القيمة في الماديات فقط،