هل ( الأمومة) للمرأة التي أنجبت طفل فقط ؟
الأمومة فطرة بالمرأة سواء كانت متزوجة أم عزباء وسواء أنجبت طفلا أم لا تنجب، فدافع الأمومة موجود في كل امرأة، والأمومة هي الرعاية والتربية والحماية وتقديم الحب والعطف للطفل، ولا يشترط تقديم هذه العواطف والمشاعر للابن، وإنما لأي طفل تتعامل معه المرأة سواء من خلال التعليم أو التمريض أو الرعاية والتربية، فالأمومة هي أكبر من أن تكون علاقة بيولوجية بين أم وطفلها الأمومة لا يوجد لها مثيل في المشاعر والحب ولها ميزات كثيرة، منها أن المرأة عندما تعطي الحب فإن حبها غير مشروط ولا فيه مصلحة، وتعطي أكثر مما تأخذ وهي راضية وسعيدة بذلك، ولا تشعر بالظلم حتى لو من تعطيه الحب لا يعاملها بنفس المشاعر والعطاء، فهي مستعدة أن تعطي الحب والحنان وتضحي ولا تأخذ، وتقوم بالرعاية وتتحرك بالحماية وتتحمل وتصبر وترشد وتوجه وتتابع كل ذلك وهي سعيدة على الرغم من كثرة الضغوط عليها، فالطفل في عالم المرأة هو حياتها وسعادتها فالأمومة فطرة طبيعية فطر الله المرأة عليها وهي معجزة ربانية، فالمرأة عندما تحسن تربية الطفل ورعايته فإنها تساهم في صناعة الجيل وبناء المجتمع، والأمومة ليست مرتبطة بعمر معين والقرآن الكريم ضرب لنا مثلا للأم التي أنجبت طفلا وهي صغيرة بالسن مثل مريم عليها السلام، والأم التي أنجبت وهي كبيرة بالسن مثل سارة زوجة إبراهيم عليه السلام قال تعالى (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ)، والمرأة التي ربت طفل ليس ابنها مثل أسية زوجة فرعون فربت موسى عليه السلام بدافع الأمومة كما قال تعالى (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )، فالأمومة تظهر بدايتها مع الطفلة الصغيرة وهي تلعب مع الدمى فتلبسهم وتغسلهم وتطبخ لهم وتوجههم وهي صغيرة بالسن تلعب معهم إن الأمومة ليست سهلة، والأعمال التي تقوم بها المرأة لا يستطيع الرجل القيام بها، لأن التعامل مع الطفل ليس سهلا، بسبب تقلباته المزاجية وعدم التزامه بالنظام وتغير احتياجاته وكثرة مشاكله أثناء مراحل نموه، كما أن متابعته وتوجيهه ليس يوما ولا أسبوعا ولا شهرا وإنما العمر كله، ولهذا التربية رسالة عظيمة، ودافع الأمومة يجعل المرأة تعمل كل شيء ولو كان مستحيلا من أجل الطفل، فأمنا هاجر كانت تسعى بين الصفا والمروة وهي حائرة تبحث عن قطرة ماء لوليدها، فلهذا جعل الله فعلها ركنا من أركان الحج، والحج ركن من أركان الإسلام، فامر كل حاج ومعتمر أن يقتدي بما فعلته أمنا هاجر حتى يعيش كل مسلم مشاعر الأمومة ويفهمها فيقدرها، ولعل شعر إيليا أبو الماضي من أجمل الأبيات التي توضح معنى الأمومة في القصة التي عبر عنها بشعره لولد عاق لأمه وكيف أن الأم عاملت ابنها بالحب على الرغم من قتله لها فقال : (أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً… بنقوده حتّى ينال به الوطر، قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى …ولك الدّراهم والجواهر والدّرر، فمضى وأغمد خنجراً في صدرها …والقلب أخرجه وعاد على الأثر، لكنّه من فرط سرعته هوى …فتدحرج القلب المضرج إذ عثر، ناداه قلب الأم وهو معفّر…ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر)، قصيدة معبرة لمعنى الأمومة الذي تعطي فيه المرأة ولا تأخذ، وتحرق نفسها من أجل أن تنير لولدها، وتسامح قبل أن يعتذر لها ابنها الذي أخطأ في حقها، فالأمومية أوجدها الله في كل الكائنات، وحتى في الحيوانات تلاحظ عند اناث الفيلة والطيور والأسود والقرود والدببه فهي تحمى أولادها وتطعمهم وترعاهم بحب فطري، وموجودة كذلك في عالم الأسماك برعاية بيضها، وعند الأسماك الكبيرة مثل القرش تعتنى بأجنتها حتى تلد صغارها، وأما عالم النبات فبعض النباتات تطور آليات دفاعية لحماية بذورها أو نسلها، مثل انتاج سموم تجعل الحيوانات تبتعد عنها، فالأمومة معجزة ربانية