قالت : التعدد فيه ظلم، قلت : لو كان التعدد اجباريا على كل رجل لكان كلامك صحيح، قالت : ولكن كل رجل من حقه أن يعدد، قلت : التعدد ليس حلالا لكل رجل، قالت : يعنى معلوماتي خاطئة؟ قلت : التعدد هو قانون شرعه الله تعالى، وأي قانون في العالم يكون فيه حكم عام واستثناء، قالت : ماذا تقصد؟ قلت : هل تعلمين أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في العالم الذي شجع على الزوجة الواحدة فقط للرجل؟ فسكتت ثم قالت : لقد صدمتني بهذه الإجابة !! قلت لها: أنا لا الومك في اعتراضك على حكم التعدد في الإسلام لأنك تشاهدين الموضوع من زاويتك فقط، وعندما يشرع المشرع أي قانون فإنه ينظر إلى المصلحة العامة وليست الخاصة، فالتعدد هو استثناء، ولهذا لو بحثت في عدد الرجال المعددين من المسلمين لوجدت أن نسبتهم قليلة جدا، فأنت معترضة على أمر استثنائي، وتناقشين قضية نسبتها تكاد أن لا تذكر، قالت : ولكن المفروض أن لا يعدد الرجل، قلت : إذا كنت تنظرين لعقد الزواج أنه عقد ملكية فكلامك صحيح، ولكن عقد الزواج في الإسلام ليس عقد ملكية، وإنما هو عقد تعاوني، ولكل زوج دور ووظيفة في الحياة، وهما يكملان بعضهما البعض، فالزواج ليس عبودية ولا سيطرة أو ملكية، قالت: يعنى الإسلام يسعد الرجل بالتعدد ولا يراعي سعادة المرأة؟ قلت : إن كنت تظنين أن الرجل يكون سعيدا بالتعدد فأنت مخطئة، لأن التعدد مسؤولية والتزام وواجبات ومراعاة للعدل ومحاسبة أشد يوم القيامة للرجل، فالتعدد ليس رحلة ترفيهية و ونما هو مسؤولية، كما أن المرأة الأخرى التي لم تتزوج لماذا لا نفكر بسعادتها؟ قالت : ولكن التعدد فيه ألم للمرأة؟ قلت : صحيح فالحياة كلها فيها ألم، سواء عدد زوجك أم لم يعدد، فهل تعرفين امرأة زوجها غير معدد ولا تعيش بألم؟ فهذه هي سنة الحياة ولا راحة إلا بالجنة، وبالمناسبة فكل المذاهب والأديان تسمح بالتعدد في العلاقات إلا الإسلام فقد نظم العلاقات وحددها بعلاقة واحدة وهي الزوجة، وجعل التعدد الإستثناء، قالت : ولماذا الاستثناء؟ قلت : اضرب لك مثلا بقانون المرور، فالقانون يحدد السرعة حسب الأمان في الطرق، ففي طريق السرعة القصوى 40 وطريق آخر 80 والطريق السريع 120، ولكن المصانع تصنع السيارة تسير بسرعة 200، والسؤال هو لماذا المصانع تصنع السيارات سرعتها زيادة عن القانون؟ والجواب هو لأن الزيادة استثناء، فربما يحتاج الإنسان في حالات الطوارئ زيادة السرعة أكثر من 120، وهكذا هو تشريع التعدد فهو نظام للطوارئ قالت : كلامك منطقي لكني لا أقبله، قلت : لأنك تنظرين للموضوع بعاطفة، والتشريعات لا تراعي العواطف وإنما تعتمد على المنطق والمصلحة العامة، وأنت في حالة الطوارئ إما تزيدين سرعتك في السيارة أو تتصلين بالإسعاف، ، والتعدد مثل سيارة الإسعاف فهو نظام طوارئ، ثم أنت لو تريدين أن لا يعدد زوجك عليك فيمكنك أن تشترطين عليه بعقد الزواج عدم التعدد وهذا من حقك، ولكن بعض الحالات تحتاج مثل هذا التشريع فلماذا نمنعها مثل الزواج السياسي لاستمرار الحكم، الاقتصادي لاستمرار إدارة الثروة، أو في حالات عدم الإنجاب أو المرض وغيرها من الظروف الخاصة قالت : أنا لا يعجبني هذا الأمر، قلت : كونه لا يعجبك لا يعنى أنه خطأ أو ظلم، فلو كان مجتمعك لا يقبل التعدد فهناك مجتمعات تقبل التعدد مثل بعض المجتمعات الأفريقية، مثل كينيا والنيجر وجنوب أفريقيا والسنغال وغانا، وكذلك بعض القبائل بالدول العربية والخليجية، وبعض دول أسيا مثل اندونيسيا وماليزيا، وبالمناسبة في بعض المجتمعات مثل السكان الأصليين لأستراليا وبعض جزر المحيط الهادي يقبلون بتعدد الزوجات بالطريقة التقليدية، فلا تكوني أنانية في تعاملك مع القوانين والتشريعات، ويبقى التعدد الذي يؤدي لتشتت الأسر والظلم لا يقبل به أحد سواء كان رجلا أو امرأة