احدى الأمهات دائما تردد على طفلها كل يوم (قم غسل ايدك) أكثر من عشرين مرة، وكلما مسك لعبة أو مسك شيء بيده تقول له (غسل ايدك)، ومع كثرة التكرار على الطفل أصيب الطفل بوسواس النظافة بسبب وسواس أمه، وقصة ثانية أعرفها لأب يعاني من وسواس الطهارة وكلما أمر طفله بالصلاة يقول له : هل توضئت ؟ ويكرر عليه السؤال مائة مرة حتى صار الطفل يشك في نفسه ويقطع صلاته ليجدد وضوئه، وقصة ثالثة لام كلما زاروها ضيوفا في بيتها تأخذ كل الأغراض التي استخدموها الضيوف وتغسلها وأحيانا تتصدق بها، وطفلها يشاهد تصرفها فصار عنده وسواس من استخدام الأشياء بعد الناس، حتى صار إذا ذهب للمطعم أو لزيارة أشخاص لا يستخدم الأغراض المستخدمة عندهم ولا يأكل من طعامهم فالوالدين مرآة لطفلهما، وكما أن المرآة تعكس كل صورة فيها فكذلك التربية، وكل سلوك تقوم به الأم يتأثر به الطفل، ويبقى السؤال هو كيف نحافظ على أطفالنا من الأمراض النفسية التي قد يعاني منها أحد الوالدين؟ والجواب على هذا السؤال بستة أفكار عملية نقترحها لمن يعاني من حالات نفسية مثل الوسواس والخوف والقلق الزائد وغيرها، أولا محاولة المصاب نفسيا من أحد الوالدين بمعالجة نفسه من خلال مختصين حتى لا تظهر حالته النفسية أمام أبنائه فيتأثرون به ويعتقدون أن هذا التصرف هو الطبيعي مثل وسواس النظافة أو وسواس الطهارة، ثانيا محاولة التحكم بالسلوك بحيث لا يتصرف المصاب نفسيا أمام أبنائه أو يوجههم على ما يفعل، وإنما يحاول أن يفصل نفسه عن أبنائه بالمشكلة التي يعاني منها، ثالثا إذا كان الطفل لديه وعي فيمكن مصارحته بأن أحد الوالدين يعاني من مشكلة نفسية، وعليه أن لا يقتدي به عندما يمارس هذا السلوك، وإنما يساعده على معالجة المشكلة، وفي هذه الحالة نحن حولنا المشكلة إلى فرصة لتعليم الطفل أهمية الاهتمام بالصحة النفسية، وأذكر بالمناسبة أن رجلا مصاب بالصرع فكان يسقط بين فترة وأخرى على الأرض وزوجته تتعامل معه بطريقة صحية لإنقاذ حياته، فتحدثت مع طفلها الذي يبلغ من العمر سبع سنوات عن مرض أبيه، وجعلته يشاهدها وهي تتعامل مع أبيه عندما تأتيه نوبة الصرع، وفي يوم من الأيام كانت الأم خارج بيتها، وجاءت نوبة الصرع للأب فسقط على الأرض، وكانت المفاجأة أن الطفل أحسن التعامل مع أبيه بطريقة صحية سليمة كما تفعل أمه وكان سببا في انقاذ والده، رابعا توفير بيئة آمنة تربويا للأطفال ليس فيها توتر أو عصبية مع التركيز على وجود روتين يومي مستقر للطفل، حتى يشعر بالأمان ولا يقتدي بوالديه الذين يعانون من المشكلة النفسية، خامسا في حالة لو كان الأب أو الأم بحاجة لوقت للعلاج النفسي، فيمكن الاعتماد على أحدهما للتربية أو الاستعانة بالأهل للمشاركة في التربية إلى حين علاج المصاب سواء كان الأب أو الأم، وأخيرا نعطي فرصة للأطفال للتعبير عن مشاعرهم لو شاهدوا سلوك غير صحي من أحد الوالدين وتعليمهم ما هو الصواب، واشغال وقت فراغهم بالمفيد من الأنشطة، فالأطفال مفطورين على التقليد لأنهم يعتبرون والديهم هما الدنيا كلها وهما النموذج الصحيح، فيرون أخطائهم صوابا فلهذا يتأثرون بهم، فمراعاة هذا الجانب مهم حتى لا تنتقل أمراض الوالدين للأبناء، ولعل من غرائب القصص أن طفلا تأثر كثيرا بأمه المصابة بوسواس النظافة وصار مثلها موسوسا حتى وصل لمرحلة لو سقط الطعام على الأرض فإنه يبكي، فلما عرض على المختصين تبين أنه لا يعاني من الوسواس مثل أمه وإنما بسبب تقليده لها صار موسوسا