كيف تراضي شخص زعلان؟
“وقع مرةً بيني وبين صديقٌ لي ما قد يقع مثله بين الأصدقاء، فأعرَض عني وأعرضتُ عنه، ونأى بجانبه ونأيتُ بجنبي، ومشى بيننا أولاد الحلال بالصلح، فنقلوا مني إليه ومنه إليَّ، فحوَّلوا الصديقين ببركةِ سعيهما إلى عدوين، وانقطع ما كان بيني وبينه، وكان بيننا مودةَ ثلاثين سنة. وطالت القطيعة وثقُلَت عليَّ؛ ففكرتُ يوماً في ساعة رحمانية، وأزمعتُ أمراً. ذهبت إليه فطرقتُ بابه، فلما رأتني زوجه كذَّبت بصرها، ولما دخلت تُنبِئه كذَّب سمعه، وخرج إليَّ مشدوهاً! فما لبثته حتى حييته بأطيب تحيةً كنتُ أُحييه أيام الوداد بها، واضطر فحياني بمثلها، ودعاني فدخلتُ، ولم أدعه في حَيرته، فقلتُ له ضاحكاً: لقد جئتُ أصالِحك! وذكرنا ما كان وما صار، وقال وقلتُ، وعاتبني وعاتبته، ونفضنا بالعِتاب الغبار عن مودتنا، فعادت كما كانت، وعُدنا إليها كما كُنَّا. وأنا أعتقد أن ثلاثة أرباع المختلفين لو صنع أحدهما ما صنعتُ لذهبَ الخلاف، ورجع الائتلاف، وإن زيارةً كريمةً قد تمحو عداوةً بين أخوين كانت تؤدي بهما إلى المحاكم والسجون. إنها والله خطوة واحدة تصِلون بها إلى أنس الحب، ومتعة الود، وتسترجعون بها الزوجة المهاجرة، والصديق المخالِف. فلا تترددوا…”. قصة جميلة يرويها الشيخ الأديب على الطنطاوي رحمه الله في كتابه مقالات في كلمات، وهو كتاب قيم على صغر حجمه كتب فيه ثلاثة عشر مقالا مختصرا ومفيدا، ولكن العبرة هي في المبادرة وكسر باب الشر عند الخلاف والخصام بين اثنين، على الرغم من أن المشكلة تكون كبيرة ولكن في الغالب يكون علاجها سهل في خطوتين، الأولى المبادرة والثانية الحوار والعتاب وهكذا ينتهى الخصام، وأحيانا يكون التدخل لعلاج المشكلة من أشخاص خطأ فيساهمون في زيادة الفجوة بين المتخاصمين وتكبير المشكلة وهناك عدة مهارات ومبادرات لإرضاء شخص زعلان، الوسيلة الأولى الحوار والتفاهم لحل الخلاف، والثانية اشعاره أثناء الحديث أنك متفهم لوجهة نظره حتى لو كنت مختلفا معه، والثالثة الإستماع الجيد وحسن الإنصات عندما يتكلم أو يعبر عن غضبه أو زعله، ومهم جدا عدم مقاطعته حتي يخرج ما في نفسه، ففي كثير من حالات الزعل يعالج الخلاف بالفضفضة فقط، والرابعة التقدير والتشجيع على التعاون وحل الخلاف وبث الأمل بأن هذه الجلسة سنعالج بها الخلاف ونصل إلى الإتفاق، وخامسا قد يكون تقديم هدية أثناء التراضي أو بعده تجدد المحبة وتزيد الألفة وتمسح أي بقايا للخلاف في القلب، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا)، سادسا أثناء التفاهم واللقاء الودي الحرص على استخدام كلمات فيها تودد وعدم تجريح أو استفزاز، سابعا القبلة والحضن من الوسائل السحرية في حل الخلاف، وأذكر كان أمامي زوجان متخاصمان وفي النهاية قام الزوج وقبل رأسها واحتضنها فبكت ومع سقوط دموعها سقط الخلاف بينهما، ثامنا الإبتعاد تماما عن الغضب والعصبية أثناء الحوار والتفاهم وإلا لن يحصل التفاهم والتراضي وفي حالة لو كان أحدهما غاضبا فعلى الآخر التهدئة وامتصاص الغضب، تاسعا أحيانا يكون ذكر المواقف الجميلة والذكريات اللطيفة بين المتخاصمين أثناء التراضي مفيد يرطب القلب القاسي، عاشرا وأخيرا أخبر الطرف الآخر أنك تحبه وتود باستمرار الصداقة معه وتعتذر منه فالإعتذار يمسح ما في القلب من خصومة، والإعتذار لا يعنى دائما أنك مخطأ وإنما من معانيه أنك تقدر العلاقة مع الطرف الآخر وحريص على استمرارها وأحيانا تضطر أن تصرح بعدم تكرار الخطأ لو كنت ارتكبت خطأ في حقه أما لو طبقت كل هذه الوسائل وما زال الشخص زعلانا فحاول أكثر من مرة ولا تيأس إلا لو كان مغرورا أو متكبرا فتكون أنت عملت ما عليك ورضي الله عنك .