ما الفرق بين بيت بوصرخي وبيت بوهادي ؟
أحد الأبناء يقول لأمه (ليش تصرخين علي) فردت عليه (علشان تسمع الكلام) فقال لها : (أنا أسمع وأفهم من غير ما تصرخين) فتفاجأت الأم من ردة فعله، في بعض البيوت في التربية يصلح لنا أن نسميها (بيت بوصرخي) من كثر ما يستخدم الوالدين الصراخ في التربية، فالتربية بالصراخ تخرج لنا أطفال مهزوزين الشخصية ضعاف الثقة بالنفس متمردين وإذا كبروا يعالجون مشاكلهم بالصراخ، وأكثر الأطفال الذين تعرضوا للصراخ نجدهم قلقين ومتوترين وقت النوم، وقد يتطور الأمر ليصبح عنده تبول لا إرادي أعرف طفل أصيب بمرض الخوف وصار يرجف كلما سمع صوت عالي بسبب كثرة صراخ والديه عليه بالبيت، وأعرف طفل آخر يهرب من البيت بسبب شجار والديه الدائم بصوت الصراخ والصوت العالي، أحدى الأمهات تقول إن أولادي لا يسمعون كلامي إلا لما أصرخ عليهم، قلت لها : لأنك علمتيهم أنهم لا يسمعون الكلام إلا لما تصرخين فتربوا على الصراخ، ولو كنت تعاملت معهم في طفولتهم على الحوار الهاديء لصاروا اليوم يسمعون كلامك عندما تتكلمين معهم بهدوء، فالمرء على ما اعتاد عليه أو على ما تربى عليه، فالتربية في (بيت بوصرخي) لها آثار مدمرة على صحة الطفل فقد قام مجموعة من الباحثين بعمل تحليل إشعاعي لأدمغة أطفال تم الصراخ عليهم وأطفال لم يتعرضوا للصراخ، فوجدوا أن هناك فروقات واضحة جدا في المناطق المسؤولة عن معالجة الصوت واللغة والقدرة علي الإستيعاب بين النوعين كثير من الآباء والأمهات لا يعرفون حجم الدمار الذي يحدثونه بالطفل عندما يربون أطفالهم علي الصراخ، فقد يستجيب الطفل في البداية للصراخ ولكن مع الوقت يصبح هذا الأسلوب لا فائدة منه، فيضطر الوالدين لاستخدام أسلوب الضرب وهذا أثره أسوء وضرره أكبر، وفي النهاية لا فائدة من الصراخ والضرب، ومن الحالات التي أطلعت عليها أن طفل صار عنده تشتت في التركيز بسبب كثرة الصراخ عليه، لأنه وقت الصراخ يشتت نفسه حتى لا يتأثر بالصراخ فتعود على التشتيت وعدم التركيز وصار يعاني من مشكلة التشتت بسبب كثرة صراخ والديه عليه، وبالمناسبة هناك دراسات أظهرت أن هناك علاقة بين الطفل الذي يتربى علي الصراخ وحالات الاكتئاب عند الأطفال فالتربية تحتاج لصبر وتحمل وأن لا يستعجل الوالدين النتائج، وأن لا يستخدموا أسلوب التخويف أو الصراخ والترويع علما بأن هناك أحاديث نبوية كثيرة تنهى عن الترويع والتخويف ويعتبر الصراخ من الترويع فقد روى الطبرانيُّ من حديث ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا: “مَنْ أَخَافَ مُؤْمِنًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ”(أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط:2350)، بل رَوى البيهقيُّ عن عبد الله بن عَمْرو مرفوعًا: “مَنْ نَظَرَ إلَى مُسْلِمٍ نَظْرَةً يُخِيفُهُ فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ أَخَافَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”(أخرجه البيهقي في شعب الإيمان:7468) فعقوبة من يخيف مؤمن أو مسلم عظيمة فكيف لو كان هذا المؤمن ابنك أو ابنتك فالله يعاقب الوالدين بنفس العقوبة يوم القيامة وفي نهاية المقال هناك سؤال مهم، وهو لو كان الأهل يربون أبنائهم على الصراخ فكيف يغيرون من أسلوبهم ليتحول بيتهم من (بيت بوصرخي) إلي بيت (بوهادي) ؟ والجواب هو أن يتعلموا كيف يتعاملوا مع انفعالاتهم فيضبطون أعصابهم، ولا يتخذون أي قرار وقت الغضب ويمكنهم الإبتعاد عن الأطفال قليلا حتى تهدأ نفوسهم ثم يمارسون التربية بهدوء، ومن الوسائل التعوذ من الشيطان الرجيم والوضوء وصلاة ركعتين فكل ذلك يساعد على ضبط الانفعال والغضب ويعين على حسن التربية