رجل عمره فوق السبعين سنة كل يوم جمعة يذهب للمقبرة وينظف قبر زوجته المتوفية ويغسل المكان بالماء، رآه أحد الزائرين فقال له ماذا تفعل ؟ فرد عليه بأن هذا قبر زوجتي وأنا أزورها كل يوم جمعة وأبكي على فراقها، فسأله الزائر ولماذا أنت تنظف قبرها هكذا ؟ فرد عليه : بأن هذه المتوفية كانت سببا في هدايتي ودخولي بالإسلام، فهي امرأة مغربية أنا أسباني وفي أيام شبابنا تعرفنا على بعض في أسبانيا وصارت بيننا علاقة حب فعرضت عليها الزواج فرفضت واشترطت علي الدخول في الإسلام فوافقت بعدما تعرفت على الدين الإسلامي ثم تزوجنا وصارت هي تعلمني أحكام الدين فأحببت الإسلام لأنه هذب أخلاقي وغير شخصيتي للأفضل، فهذه المرأة هي التي أنقذتني من حياة البؤس والضياع للنور والهداية فلهذا أنا حزين على فراقها وأزورها كل أسبوع وفاء لها قصة جميلة للوفاء الزوجي حضرتها وأنا في برشلونه الإسبوع الماضي، قصة مأثرة وفيها قيم وأخلاق عالية من بدايتها لنهايتها، ففي البداية اشترطت المرأة على الرجل دخوله بالإسلام ولم تستسلم لعاطفتها على حساب دينها، وأخرها مشهد خلق الوفاء والذي صار اليوم عملة نادرة في الأخلاق بين الأصحاب والأقارب، ولكن من يلتزم بالأخلاق يشعر بسعادة داخليه في نفسه ويعطيه شعور التميز والتفرد عن الآخرين والشخص الأجنبي بشكل عام يفتقد للجو الأسري ويبحث عنه ويتمناه، وبينما كنت أتنقل بين برشلونه ومدريد ذكر لي أحد الأصدقاء ونحن نتكلم عن أهمية العائلة أن أمرأة كبيرة بالسن كانت تأتي كل يوم أحد للمسجد في الوقت الذي تجتمع فيه النساء لشرب الشاي والحديث في مواضيع علمية، وهذه المرأة غير مسلمة ولكنها ملتزمة بالحضور أسبوعيا ولا تتخلف أبدا، فسألتها أحدي الحاضرات عن سبب حضورها والتزامها الأسبوعي في جلسة الشاي، فردت عليها قائلة : أني أفتقر للجو العائلي وأشعر بأنكم أنتم عائلتي فوجود العائلة نعمة، والجمعة العائلية أو زوارة العائلة نعمة عظيمة، ربما نحن لا نستشعرها بسبب اعتيادنا عليها ولكن هناك كثير من الناس محرومين من هذه النعمة العظيمة، حتي قيل في الأمثال أسعد اللحظات عندما تسمع صوت ضحك العائلة وهم مجتمعين، فالعائلة تعطي للشخص المساندة والدعم والحب والحنان وتشعره بالفرح والأمان والراحة النفسية، ويشعر الشخص بالثقة عندما تحترمه عائلته، ويشعر بالفخر عندما تستشيره عائلته وتأخذ رأيه أو تمدحه، كما يشعر بالإمتنان عندما تقف عائلته معه وقت الأفراح والأحزان ومن شدة أهمية اجتماع العائلة وارتباطها فقد ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم عندما بين أن في يوم القيامة تتفرق العائلة ولكن الله يجمع المؤمنين منهم في اجتماع عائلي كما قال تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء) وهذا الوعد مصداق ما جاء في قوله تعالى (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) ، فالله تعالى بفضله ومنه وكرمه يلحق ذرية المؤمنين بآبائهم في المنزلة بالجنة وإن لم يبلغوا منزلتهم في العمل بشرط الصلاح فاجتماع العائلة ليس مهما ففقط بالدنيا بل حتى في الآخرة ولهذا يرفع الله بعض أفراد العائلة درجات حتى يجتمعوا مع أهلهم وخاصة الأطفال الصغار، ولكن اليوم تعريف العائلة بدأ يتغير في العالم وفي كثير من الدول فقط كانت العائلة سابقا مكونة من أب وأم وأطفال، ولكن اليوم بعض الدول اعتمدت تعريف العائلة لرجلين أو أمرأتين وتسعى هذه الدول من خلال قوانينها لتغير تعريف العائلة، ولكن نحن كمسلمين تعريف العائلة عندنا واضح ونحرص على اجتماع العائلة في الدنيا والآخرة للحفاظ على هذه النعمة العظيمة .