هل الشباب يهربون من الزواج اليوم ؟
الشباب اليوم متوفر لهم كل شيء يتمنونه ويحتاجونه حتى صار الواحد منهم لا يعرف ماذا يريد من الحياة، ويتردد كثيرا في قرار الزواج بسبب كثرة الانشغالات في جميع أنواع الترفيه المتوفرة لديه، من لعب أو مشاهدة أفلام أو حضور حفلات أو المشي والتسوق أو الجلوس في المقاهي أو متابعة حسابات المشاهير أو تصفح شبكات التواصل أو السفر أو الانغماس في الألعاب الإلكترونية، حتى ظهرت دراسات كثيرة تفيد أن نسبة التوتر والقلق في جيل الشباب اليوم عالية جدا، وكثير منهم مصابون بالأرق فيستيقظون بالليل أكثر من مرة بسبب التوتر والضغط الذي يعيشونه على الرغم من صغر سنهم
فتخيل شاب مضغوط ومشغول بالترفيه طول اليوم وتطلب منه أن يتزوج، قطعا سيكون مترددا بسبب القلق الذي يعيشه وسرعة المتغيرات بالحياة وكثرة الملهيات وتعدد الخيارات وعدم الاستقرار الوظيفي عند كثير منهم وانتشار العزلة عند أكثرهم بسبب الإدمان على الألعاب الإلكترونية وبرامج التعارف، ومن يتأمل الأرقام التي تفيد الفرق بين نسبة الزواج في السابق واليوم في عمر الشباب يلاحظ فرقا كبيرا، فتشير دراسة أجراها مركز “بيو” (pew) للأبحاث في واشنطن أن 59% من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-29 عاما كانوا متزوجين في عام 1960 م ، في حين أن 20% فقط من الشريحة العمرية نفسها في عام 2011 متزوجون، يعني الانخفاض نسبته 40% خلال 50 سنة بين الدراستين، واستنادا إلى استطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” مؤخرا فإن 64% ممن تتراوح أعمارهم بين 18-29 سنة غير متزوجين، وهذه الأرقام من موقع الجزيرة وواضح الفرق خلال 50 سنة كيف أن نسبة الزواج تتجه نحو الانحسار،
قد يعترض البعض على هذه الدراسات على اعتبار أنها أجنبية لكننا نلاحظ في واقعنا ومجتمعنا مؤشر مشابه لهذه الأرقام وإن كنا لا نملك الدراسات الدقيقة ولكن الملاحظة واضحة في تأخر الشباب وعزوفهم عن الزوج، وقد يكون الفرق بيننا وبين الغرب النسبة المؤية فقط، كما أن إجراءات الزواج من تكاليف وغيرها صارت تتعقد يوما بعد يوم، وصار كثير من الشباب يلجأ إلى العلاقات العابرة أو المؤقتة ويصرف النظر عن الزواج بسبب كثرة الصعوبات والتحديات التي تواجهه، من تشدد الوالدين بالنسب أو غلاء المهور أو ارتفاع أجرة السكن أو كثرة الالتزامات المالية
إن الإيقاع السريع للحياة جعل النفوس والنفسيات تميل للتغيير السريع، وأثر هذا حتى على العلاقات الاجتماعية فصار الناس تبتعد عن العلاقات العميقة والدائمة وتميل للعلاقات السريعة والمؤقتة، وأثر هذا الوضع على مبدأ الزواج كذلك وخاصة مع انتشار برامج التعارف الكثيرة، لأن الزواج هو ارتباط أبدي وليس مؤقت أو عابر، فسرعة التغيير شمل كل شيء في الحياة حتى البيوت لم تعد سكنا وراحة بل صارت مكانا للترفيه، وفيها كل الملهيات بسبب توفر التكنولوجيا الموجودة فيها وعدم وجود نظام للتعامل مع هذه الصناعة، فصارت تأخذ وقت الإنسان دون فائدة بسبب عدم وجود هدف عنده ليستفيد منها،
حتى لا يهربون الشباب من الزواج وحتى لا يزداد خوف الفتيات من الإرتباط لا بد من عمل برامج وأنشطة للتشجيع على الزواج المبكر، ودعم هذا الزواج ببرامج التوعية التي تساهم في نجاح هذه المؤسسة، ببرامج تساعد الإثنين بصفتهما زوجين على الحياة السعيدة وبصفتهما كوالدين تساعدهم في تربية أبنائهم، حينها لا يهرب الشباب من الزواج وتكون نفوسهم مستقرة وسعيدة