هل شعرت يوما بأنك خسرت ابنك ؟
هل شعرت يوما بأنك خسرت ابنك بعد خطأ عمله أو تقصير فعله أو ارتكب شيئا مخالفا للقيم والأخلاق أو تمرد عليك ولم يطع أوامرك ؟ أنا متأكد بأن كل من قرأ هذا السؤال قال في نفسه نعم لقد جاءني هذا الشعور، وربما البعض يعيش هذا الشعور الآن وهو يقرأ المقال ولكن دعوني أقول لكم بأن هذا الشعور طبيعي عندما يأتيك، لأن كل مربي لديه خطة مثالية في التربية وغالبا الأبناء لا يلتزمون بتنفيذ هذه الخطة بدقة لأنهم بشر، وتحكمهم الأهواء والرغبات والشهوات وحب الترفيه الاستكشاف والتجربة، فأحيانا تشعر بالإحباط التربوي أو أنك خسرت ابنك عندما تكتشف أن ابنك لديه علاقة عاطفية، أو أنه أهمل في دراسته، أو عندما يتعرف على أصدقاء سيئين يفسدون أخلاقه، أو أنه يمارس أشياء خاطئة في الهاتف، أو يهمل في نظافته وصحته ولا يلتزم بنظام الغذاء الصحيح، أو تراه لا يحترمك أو يحترم الآخرين، أو يكون كسولا وغير منجز، أو عندما يكبر يختار في الزواج شخصا غير مناسب للوضع الاجتماعي والعائلي، ومواقف كثيرة قد تشعر فيها أنك خسرت ابنك ولكن هذا الشعور عندما يأتيك ينبغي أن لا تستسلم له، ولا تردده ليسمعه ابنك، فتقول له أنك خسرته وأنه ليس ابنك، فان استسلامك لهذا الشعور أو سماعه لك أكثر من مرة يجعله يتبني الفكرة فيكون فعلا مثلما قلت، وتخسر وقتها ابنك وتكون أنت السبب في خسارته، ولكن عليك بخمسة أمور لابد أن تعملها إذا شعرت أنك خسرت أبنك، أولا عليك أن تستوعبه وتحتويه لأنه قد يكون الخطأ الذي ارتكبه مؤقتا من باب التجربة أو التقليد وليس خطأ دائما، ثانيا لا تنسى دورك بأنك مسؤول عن تربيته فتوجهه بأسلوب يتناسب معه ولا تستعجل النتائج، ثالثا يمكنك أن تدخل طرف آخر في توجيهه يكون قريبا منه أو يرتاح للحديث معه إذا رفض أن يستجيب لك، رابعا عليك أن تراجع مواقفك وأسلوبك معه فكثير من الأحيان يرتكب الأبناء أخطاء بسبب عدم شعورهم بالحب والاهتمام من والديهم، أو بسبب التفرقة بالمعاملة بين الإخوان، أو شعوره بالظلم، خامسا أن تعطي للوقت قيمة في علاج المشاكل التربوية، ففي كثير من الأحيان لا يستطيع الإنسان أن يعالج المشكلة بسرعة أو بجلسة واحدة وإنما يحتاج الإنسان لوقت حتى يقتنع ويتغير، فعجلتك برؤية النتائج تجعلك تشعر بخسارة ابنك وأنك محبط تجاهه وهناك نقطة مهمة تساعد المربي على تجاوز المشاكل التربوية سواء كانت المشكلة أخلاقية أو اجتماعية أو تعليمية، وهي التربية الإيمانية من الصغر، لو نجح المربي في تربية ابنه ايمانيا سيشعر الإبن بالمسؤولية تجاه خالقه ومسؤولية تجاه والديه ونفسه، وهذا يساعده على سرعة الاستجابة في حال التوجيه والتربية، فأكبر خسارة للأبناء عندما تكون عقيدتهم مخالفة للإسلام مثل أبن نوح عليه السلام عندما رفض الاستجابة لدعوة والده فكانت نهايته أن غرق بالبحر، أما أبناء يعقوب عليه السلام فعلى الرغم من ارتكابهم لخطأ كبير وهو القاء أخيهم يوسف عليه السلام بالبئر ليتخلصوا منه، إلا أنهم تابوا وندموا وقبل الله توبتهم لأن الإيمان في قلوبهم فأساس التربية هي التربية الإيمانية، وهي بوصلة السلوك والأخلاق، كما أن التربية تحتاج لصبر وحكمة حتى يقطف المربي ثمرة تربيته، فليس كل الأبناء مثل بعض، ونحن اليوم نعيش في زمن صعب فيه مأثرات كثيرة وملهيات أكثر، والحافظ هو الله ولكن علينا نحن أن ناخذ بأسباب الحفظ وهي التربية الصالحة للأبناء