تعامل النبي مع الأيتام أطفال الشهداء
كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أطفال الشهيد ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهما (محمد وعبدالله) وقد سماهما أبناء أخيه، والقصة هي أنه بعدما استشهد ابن عمه جعفر في غزوة مؤتة دعا النبي ابنيه محمد وعبدالله، وعندما رآهما تعامل معهما بأربعة أمور، الأول دعا لهما وقال : الله اخلف (جعفرا) في أهله وبارك (لعبدالله) في صفقة يمينه، قالها ثلاث مرات، ثانيا حلق رؤوسهما ليشعرهما بأنه مسؤول عنهما، ثالثا مدحهما فقال أما (محمد) فشبه عمنا أبي طالب وأما (عبدالله) فشبه خلقي وخلقي ليعطيهما الدعم النفسي والمعنوي، رابعا أعطاهم الأمان لما جاءت أمهم (أسماء بنت عميس) رضي الله عنها فذكرت يتمهم فقال عليه السلام : العيلة (الفقر والحاجة) تخافين عليهم وأنا وليهما في الدنيا والآخرة، وقد أوصى النبي بعدم البكاء على جعفر بعد استشهاده بثلاثة أيام، والحديث موجود في مسند الإمام أحمد وصححه الألباني
فهكذا يتم التعامل مع أطفال الشهداء وضحايا الحروب، برعايتهم والدعاء لهم وتحمل مسؤوليتهم، وكفالتهم ودعمهم عاطفيا حتى نعينهم على مسيرة الحياة وتحمل تحدياتها بنفس كريمة مطمئنة، فالإيواء مطلوب إلا إن الإيواء النفسي أهم من الجسدي، وتوفير بيت لهم شبيه بالبيت المهدم أو أحسن، وأسرة ترعاهم تقوم مقام الأهل بعاطفتهم وعطاءاتهم، وهذا ما قاله الله في شأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (ألم يجدك يتيما فآوى)، فكان لا بد أن يكون الإيواء نفسيا ولا يكفي الإيواء المادي، لأن اليتم حالة تشرد إنسانية نفسية معنوية وليست مادية،
فأطفال المخيمات لا تتوفر فيهم صفة الإيواء النفسي، والأصل أن يتم تأمين مسكن لهم يليق بهم مع أهلهم إن كان أهلهم أحياء أو مع أقاربهم أو في مراكز إيواء على أن تتوفر فيها شروط السلامة والرعاية وحسن المعاملة، لأن أطفال الصدمات والحروب يعانون من اضطراب داخلي نفسي فيحتاجون رعاية خاصة ليتجاوزوا ألم الصدمة التي عاشوها،
فالطفل بعد الصدمة قد يرغب بالعزلة، ويضعف عنده الشعور بالانتماء للعائلة وإذا لم يكن للطفل عائلة أبدا ، لا بد من ايجاد عائلة له تأويه وتحيطه بالرعاية والحنان ، والقرآن الكريم أشار إلينا بهذا في قصة يوسف عندما قال الذي اشتراه لزوجته : (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وهنا نلاحظ ان التمكين والتعليم جاء بعد إكرام المثوى، وبعد معاملة يوسف كولد من أولاد الذي اشتراه، وهذه قضية مهمة في التعامل مع الطفل عندما يكون لوحده بعيدا عن أهله أو فقد أهله،
وهناك قضية مهمة يقع فيها أكثر من يتعرضون للمصائب بأنهم يكرهون المكان الذي وقعت فيه المصيبة، وبعض المصابين يتشاءمون من مكان المصيبة وهذا خلاف المنهج النبوي والإسلامي، ففي غزوة أحد وعند جبل أحد استشهد 73 صحابي من بينهم عم النبي حمزة رضي الله عنه، وكاد الكفار أن يصلوا للنبي عليه السلام ومع ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوما عن المكان الذي خسر فيه أصحابه وعمه وخسر المعركة (إن أحدا جبل يحبنا ونحبه)
بمثل هذه المعاني ينبغي أن نتعامل مع أطفال فلسطين وأسر الشهداء بكفالتهم وحسن رعايتهم ودعمهم عاطفيا ونفسيا وتوفير الإيواء اللازم لهم والوقوف بجانبهم حتى يتحقق النصر بإذن الله تعالى