ما هي عقوبة الحرمان من رؤية الأبناء؟
من أخطر الأسلحة بعد الطلاق أن ينتقم أحد الأبوين من الآخر في الحرمان من رؤية الأبناء، وقد عرضت على قضايا وقصص كثيرة في الحرب الدائرة بين المطلقين سواء بالمحاكم أو بين الأهل، ويكون الأطفال ضحية هذه المعارك، فاللعب في سلاح الحرمان من رؤية الأبناء انتقاما للطرف الآخر يساهم في قطع الأرحام وتفكيك الأسرة، وهذه عقوبتها عند الله كبيرة، قال تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)، فحرمان أحد الأبوين للآخر من رؤية الأبناء بعد الطلاق وصفه الله بأنه افساد في الأرض وتقطيع للأرحام، وعقوبته اللعنة وإصابتهم بالصم والعمى
فحب الأبناء فطرة إنسانية وطبيعة بشرية وقبل كل هذا هي منحة ربانية، وتربية الأبناء أمانة حتى ولو حصل الطلاق، وقد حذر الله الأمهات من الإضرار بالأبناء على اعتبار أن الأم أكثر قربا للطفل قال تعالى ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده)، أي لا تضر الأم ولدها ولا يحق لأحد أن ينزعه منها، فالأم أولى بحضانة أولادها ما لم تتزوج، وفي حالة زواجها تنتقل الحضانة منها، ولا يحق للأب أن يحرمها من رؤية أبنائها، فالحرمان من رؤية الأبناء جريمة تحرق قلوب الآباء والأمهات،
أعرف أبا حرم الأم من رؤية أبنائها سنة كاملة، وأعرف أما حرمت الأب من رؤية أبنائه سنتين، وأعرف أبا لم يسأل عن أبنائه بعد الطلاق خمس سنوات، فكل هذه الحالات من الظلم وقطيعة الأرحام
وحتى لو سافرت الأم مع الأبناء أو سافر أبوهم معهم فخطوط الاتصال والتواصل مع الطرف الآخر لابد أن تكون مفتوحة ومستمرة، فقد قال رسولنا الكرم صلى الله عليه وسلم (من فرق بين أم وولدها فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة) رواه الترمذي،
فالحرمان تأثيره النفسي على الأطفال كبير، فقد يصابون باضطراب الشخصية، أو يكونوا عنيفين وعدوانيين وعصبيين ولديهم نزعة الإنتقام، وقد تكون نظرتهم للحياة والعلاقات الاجتماعية سوداوية، أو يصابوا بالاكتئاب والقلق، أو يعانوا من التأخر الدراسي وغيرها من الأعراض،
وأحيانا يحدث العكس تماما، فبدل الحرمان تكون المعاملة بزيادة الدلال والدلع وتقديم الأموال والهدايا من غير مناسبة، وهذا كذلك يدمر الأبناء نفسيا وتربويا، والصحيح هو تقسيم الأدوار بعد الطلاق بين الأب والأم في معاملة الأبناء ليتربى الأبناء في بيئة صحية متوازنة ويتجاوزوا تحديات الطلاق، قال تعالى (فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) ، فالطفل دائما يعمل مقارنة بين أمه وأبيه، والمفروض أن لا يكون الطلاق سببا في تعليم الأبناء النفاق في المعاملة والمشاعر،
فالتربية على العقوق بعد الطلاق تربية خاطئة سيئة، وتتم ذالك من خلال الشحن العاطفي من كلا الوالدين تجاه الآخر، فيبين كل واحد منهما للآخر عيوبه وتقصيره وأخطاؤه، وأحيانا تصل إلى تزييف الحقائق والكذب من أجل تشويه السمعة، ولو تأملنا في الحديث النبوي كيف قرن رسول الله قول الزور أي الكذب مع الشرك والعقوق، لأنهما سلسلة مترابطة تقوم على الظلم والكذب والجحود قال عليه السلام (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، يعني قالها ثلاث مرات، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) ،
فواجب الأم والأب أن يعملا بوصية الله تعالى بعد طلاقهما وهي (ولا تنسوا الفضل بينكما) لا أن يجعلا الأبناء سلاح للانتقام من خلال الحرمان.