لماذا رفع الله عيسى عليه السلام إلى السماء
قصة عيسى عليه السلام قصة عجيبة، وفيها حكم وفوائد عظيمة، فقد هيأ الله أمه أن تحمله بمعجزة ربانية لأنه ولد من غير أب، وكانت خائفة من مواجهة قومها إذا رأوها تحمل طفلا رضيعا من غير أب وهي الطاهرة العفيفة، فلو قدمت لهم الف دليل لن يصدقوا كلامها، فأنطقه الله تعالى وهو رضيع وقال (إني عبدالله) ليكون شاهدا على طهارتها وأنه معجزة ربانية، وقد أكرم الله مريم عليها السلام من قبل بأن كان يأتيها الطعام رزقا من الله، وأن زكريا كفلها بعدما حصل الخصام في شأنها، وأن الملك كلمها ليطمئنها بانجاب الطفل، وأن الله أجرى آيات كثيرة على يد طفلها عيسى عليه السلام، منها أنه تكلم في المهد وأنه كان يحي الموتي ويبرئ الأكمه والأبرص إذا مسح بيده عليهما،
ولعل أكبر معجزة لعيسى عليه السلام أن رفعه الله إليه حتى لا يقتله اليهود، لأن اليهود كانوا يتفاخرون بقتل الأنبياء، قال الله عنهم (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم) ثم قالوا على سبيل التهكم (رسول الله) فرد الله عليهم (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) لأنهم أخذوا شبيه عيسى عليه السلام وليس عيسى نفسه، لأن الله رفعه إليه وأنه الآن عند ربه جسدا وروحا وهو حي لم يموت، فدوره في الحياة لم ينتهى بعد، وسينزل في آخر الزمان من السماء إلى الأرض، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، وأن أهل الكتاب سيؤمنون به وهو يتبع الإسلام دين محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا)،
فاليهود دائما يروجون الأكاذيب ومنها أنهم قتلوا عيسى عليه السلام ولكن الله يفضحهم في نهاية الأمر ويكشف الحقائق، وعندما ينزل عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق يكون وقتها الدجال قد عاث في الأرض فسادا وكذبا، وهناك طائفة منصورة ببلاد الشام تستعد لقتاله فيقودهم عيسى عليه السلام ويقتل الدجال، وهذه من علامات آخر الزمان
فولادة عيسى عليه السلام معجزة، ورفعه إلى السماء معجزة أخرى، ونحن لا نعرف تاريخ ولادته بالتحديد، ولكن كل ما نعرفه أنه عندما ولد امر الله مريم عليها السلام بأن تهز النخلة وتأكل من الرطب، وعادة الرطب يخرج صيفا لا شتاء، ولكن ربما يكون وجود النخلة والرطب كذلك معجزة من الله تعالى، لأن الله تعالى كان يرزق مريم الطعام في غير موسمه، أما النصارى فهم على خلاف في مولده، فنصاري الغرب يرون أنه ولد يوم 25 ديسمبر، ونصاري المشرق يرون ولادته في 7 يناير، ولا يوجد شيء يجزم ولادته بالصيف أو بالشتاء
وأذكر بهذه المناسبة احدى الأمهات سألتني مرة، ما رأيك أن أضع شجرة الكريسمس في بيتنا وأعمل حفلة للأولاد حتى لا يشعروا أن هناك فرق بينهم وبين أقرانهم، فقلت لها : إذا كنت تريدين أن تستفيدي من هذه المناسبة فلابد أن تعززي قيمنا الإسلامية في نفوس أبنائك، فلو وضعت رمزا لشجرة النخيل وأحضرت رطبا وعملت برنامجا ترفيهيا وثقافيا لأبنائك وذكرت لهم قصة ولادة عيسى عليه السلام وأمه مريم، يكون ذلك أفضل، أما الاحتفال بأعياد النصارى فهو لا يناسبنا وإنما يناسبهم حسب اعتقادهم، ولو قرأت لأبنائك سورة مريم مع تفسيرها لهم حتى يعيشوا الحدث بتفاصيله فهذا أفضل وأفضل،