أربع أمهات لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم !
قال : تعلمنا في المدارس أن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم توفيت أمه آمنة بنت وهب وعمره ست سنوات، وأن مرضعته هي حليمة السعدية، قلت : نعم هذا صحيح ولكن المعلومة ناقصة، قال : كيف ؟ قلت : نستطيع أن نقول بأن رسولنا الكريم كان له أربع أمهات، الأولى وهي أمه الطبيعية مثلما ذكرت وقد فقدها في سن مبكر، ولكن هناك ثلاث نساء ساهموا في رضاعة النبي الكريم وحضانته، قال : من هم ؟ قلت : الأولى مرضعته حليمة السعدية وهي من الطائف ، والثانية هي حاضنته ثويبة أم أيمن وكان رسول الله يخاطبها ويناديها ب (يا أم)، والثالثة هي امرأة من بني سعد أرضعته عند حليمة وتسمى السعدية، وأرضعت معه عمه حمزة رضي الله عنه، ولهذا فإن حمزة هو عمه وأخوه بالرضاعة
قال : أول مرة أعرف هذه المعلومات ، قلت : إن الرضاعة الطبيعية تساهم في تربية الطفل كما تساهم عاطفة الأمومة وحنانها، ولهذا النبي الكريم تربى في صغره تربية صحيحة، فأخذ من الحنان والحب والعاطفة ما يحتاجه أي طفل ينشأ نشأة سليمة، فالأم دورها الاهتمام بتربية الطفل وتغذيته ورعايته وأعطائه الأمان العاطفي، كما يعطي الأب الدعم المادي والأمن ويقدم النموذج السلوكي للطفل ويعلمه كيف يتعامل مع الحياة وتحدياتها،
قال : ولكن رسول الله نشأ يتيما، قلت : صحيح، ولكن رباه جده عبدالمطلب ثم عمه أبوطالب مع أولاده، فلو فقد الطفل أمه أو أباه فلابد من توفير البديل من العائلة سواء كان قريبا أو بعيدا، فالطفل تتوازن نفسيته وتقوى شخصيته عندما تعطيه الأم حنانها ويعطيه الأب رعايته، قال : فنبينا عليه السلام لديه أربع أمهات، الأولى أمه أمنه وثلاثة ساهموا في حضانته ورعايته، قلت : نعم صحيح، فهو أخذ دعما عاطفيا كبيرا، والدعم العاطفي والحب والحنان يعطي الطفل ميزات كثيرة، منها أنه يقوي ثقته بنفسه ويساهم في تنمية عقله وصحته ونفسيته، ويسهل غرس القيم والأخلاق، ويعزز التعليم المبكر
قال : تذكرت قصة موسى عليه السلام عندما حرم الله عليه المراضع حتى ترضعه أمه الطبيعية، قلت : نعم صحيح، فالطفل وقت الرضاعة يشم رائحة أمه ويسمع ضربات قلبها وتستقر نفسيته باحتضانها وينموا بحليبها، كما أن حليب الأم يساعد على جودة نوم الطفل وزيادة ذكائه، لأن حليبها يحتوى على عناصر غذائية تؤثر على نمو دماغ الطفل ويقوى مناعته، وهناك جانب آخر مفيد للأم عندما ترضع طفلها رضاعة طبيعية، وهو أن الأم كلما أطالت فترة الرضاعة كلما ازداد عندها الشعور بالأمومة، ويقل عندها الشعور بالتوتر والعصبية والقلق، ويزداد فهمها لطفلها حتى ولو لم يتكلم
ولهذا ربنا تبارك وتعالى جمع بين الرضيع موسى عليه السلام وأمه بحيلة ذكية دبرتها أخته، حتى ترضعه أمه بعدما أصبح فؤادها فارغا، وجعل الملكة آسيا زوجة فرعون تعطيه من حنانها وحبها لأنها محرومة من الأطفال، وكذلك نساء قصر فرعون كانوا فرحانين به لأن موسى كان طفل القصر المدلل والوحيد، فالحب والحنان أهم شيء للطفل عند ولادته، ولهذا من أكبر الجرائم التربوية أن تنشغل الأم عن رضيعها وتتركه عند المربية أو تتركه ليدمن على الشاشة والألعاب الإلكترونية،
فالحضن واللمس والحب والحنان والعطف والكلام واللعب، هذه أهم سبعة خدمات تقدمها الأم ويدعمها الأب لينشأ الطفل نشأة سليمة صحية، ولهذا الله عز وجل أمر سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يترك طفله الرضيع مع أمه هاجر في وادي غير ذي زرع وليس معهم إلا الله تعالى وحب الأم وعطفها وحنانها، فخرج إسماعيل عليه السلام نبيا كريما، قال : شكرا لك على هذه اللفتة الجميلة كذلك وانتهى اللقاء