هذا ما عملته الخادمة في الآيباد للطفل
يقول الأب : مررت على ولدي الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات فرأيته وهو في غرفته يطيل النظر في الآيباد فاستغربت من شدة اندماجه واقتربت منه فرأيت أمرا لم أكد أصدق عيني وأنا أراه ، رأيته ينظر لفيلم إباحي يعرض العلاقة بين الشاذين جنسيا وهم عراة ، وحركات تشمئز منها النفوس فأخذت الجهاز منه سريعا ودخلت على الموقع الإباحي لأرى كيف تمكن من الدخول إلى المواقع المحظورة ، فعلمت أنه دخل عليه من برنامج (بروكسي) لفك الحماية ، فاستغربت من قدرة ولدي على ذلك ، ولكني شككت بالأمر لأن ولدي ليس لديه معرفة في كيفية فك الشفرات والدخول لمثل هذه المواقع ، والذي زادني حيرة أكثر أن ابني طيب وأخلاقه راقية وحافظ للقرآن وبيئته نظيفة ، فكيف ينظر لمثل هذه الأفلام !
يقول الأب فأمسكت نفسي والغضب يغلي بداخلي وقلت له : يا ولدي ما الذي تشاهده ؟ قال : لا أعرف يا أبي ، هذه حركات غريبة يفعلها الرجال والنساء وهم عراة ، فقال له : وكيف وصلت لهذه المواقع ؟ ومن أخبرك بها ؟ وكيف دخلت إليها ولا يستطيع اختراقها إلا خبير ؟ قال : عندما خرجتم أنت وأمي اليوم عصرا طلبت مني الخادمة الآيباد فأخذته لمدة ساعة ثم ردته علي وعلمتني كيف أدخل لهذه المواقع! فصدم الأب صدمة ثانية ووقع هذا الخبر عليه مثل الصاعقة.
وقصة أخرى حصلت منذ يومين بمثل هذه الحيثيات مع بنت عمرها تسع سنوات ، وقصة ثالثة ضبط فيها سائق يرسل صورا خلاعية لابنة مخدومه وهو ينوي استدراجها .
عندما نتأمل هذه القصص الثلاث يتضح لنا أننا مقبلون على مرحلة جديدة من مشاكل الخدم في بيوتنا ، بالإضافة إلى مشاكل السرقة والضرب والتحرش الجنسي فإننا نضيف إليها اليوم الجرائم الإلكترونية.
صحيح أننا مأمورون باحترام الخدم وتقديرهم وقد رفع الإسلام من درجة الخادم ليساوي مخدومه ، ونحن نعامل الخادم وكأنه أحد أفراد الأسرة ، فالخدمة ليست عيبا فقد صار أحد الأنبياء خادما وهو يوسف عليه السلام فقد تم شراؤه كخادم ، وذكر القرآن قصة امرأة عمران فإنها نذرت ما في بطنها لخدمة المعبد ، وقد قيل (أمير القوم خادمهم) فالخدمة شرف عظيم ، ولكن لا بد أن نفرق بين الرفق بالخدم واحترامهم وبين أن نراقبهم ونحدد أعمالهم ، لأن الخدم الموجودين في بيوتنا أتونا بثقافة تختلف عن ثقافتنا ودين يختلف عن ديننا ، والخدم في بلداننا عددهم كبير، فسكان الخليج عددهم 33 مليون نسمة تقريبا منهم 11 مليون من العمالة الأجنبية بكل أنواعها ويحولون سنويا 25 مليار دولار وأكثرها من الخدم ، يعني ثلث عدد السكان من العمالة وهذه نسبة عالية جدا ، فنسبة الخدم في الإمارات والكويت حسب التقديرات الأخيرة خادمة واحدة لكل اثنين من رعايا هاتين الدولتين ، بينما هناك خادمة واحدة لكل عائلة في المتوسط في كل من السعودية وعمان والبحرين ، فهذا العدد الكبير مؤثر ثقافيا واجتماعيا فكيف لو أثروا تربويا في أبنائنا !
فالمراقبة للخدم ضرورية بشرط أن تكون من غير تجسس حتى لا نقع في المحظور الشرعي ، وينبغي أن نحصر عمل الخادمة في الأعمال الإدارية وليست التربوية ، ولكن ما نراه اليوم في بيوتنا أن الخادمة هي كل شيء في البيت ، حتى صار تعلق الأبناء بالخدم أكثر من تعلقهم بأمهاتهم ، فالخادمة تستلمهم من الصباح تحضر لهم الإفطار وتحمل عنهم الحقيبة المدرسية وتوصلهم للمدرسة وتأخذهم منها وتحضر لهم الغداء وتعيش معهم إلى وقت النوم ، والأم كأنها ضيفة في البيت تذهب للعمل وتكسب المال من أجل الخادمة والأولاد ، وفي العيد ترافق أبناءها وتقول للناس هؤلاء أبنائي وكأنها هي أمهم الحقيقية ، بينما هي أمهم الصورية والخادمة صارت أمهم الحقيقية التربوية ، إن التفويض قرار إداري جيد إلا في التربية فإنه خطر وسيئ ، ولا ينبغي أن نفوض أحدا في تربية أبنائنا إلا شخصا نثق بأمانته مثل الجدة أو الخالة أو العمة ، أما الخدم فهم خط أحمر لأنهم ليسوا من ثقافتنا ولا هويتنا ولا حتى ديننا.