نمساوية أسلمت ثم فكرت أن ترتد !!
امرأة نمساوية الأصل كانت تسير بالقرب من المركز الإسلامي بفيينا ، فسمعت صوت الأذان فاقشعر جلدها وقالت إن الصوت دخل قلبها من غير استئذان ، فدخلت هي المركز الإسلامي من غير استئذان ، وتحدثت عن مشاعرها للإمام وقالت إنها شعرت براحة نفسية غريبة وعجيبة فشرح لها الإمام معنى الأذان وأعطاها كتيبات صغيرة تشرح لها معنى الإسلام ، فذهبت لقراءتها ثم رجعت بعد أسبوعين وأعلنت إسلامها .
عشت مع قصة هذه المرأة اليوم وأنا في فيينا وكنت أتجول بين المعالم السياحية للمدينة وأتذكر الجيش العثماني عندما وصل إلى فيينا مرتين وهو يريد فتح البلد ونشر الإسلام فيه إلا أنه لم ينتصر، فخبز النمساويين -كما قيل- الخبز على شكل الهلال -وهو شعار المسلمين- فأكلوه بنهَم تعبيرا عن انتصارهم للجيش الإسلامي، وهذه الخبزة تسمى اليوم (الكرواسون).
إن هذه المرأة النمساوية التي دخلت الإسلام تقول إنها شعرت بسعادة كانت تحلم بها منذ زمن بعيد ووجدت ذاتها في هذا الدين العظيم ، ومن كلماتها المؤثرة تقول إنها قرأت ترجمة القرآن قبل دخولها في الإسلام كما قرأت الإنجيل مرارا وتكرارا ، وقد لفت نظرها أن المسلمين عندهم سورة كاملة اسمها (سورة مريم) ونحن في انجيلنا لا توجد سورة واحدة (اسمها محمد) ففهمت من ذلك أننا نحن نقدرهم ونحترم ما يؤمنون به بينما هم لا يقدروننا ولا يعترفون بنا ؟ وكان هذا التأمل والتفكير هو الذي قادها للدخول في الإسلام.
هذه المرأة تملك شركة سياحية وهي تدير اثنين وثلاثين موظفا وهي امرأة منظمة ومتميزة وتعليمها عال جدا ، تعرف عليها شابّ من مصر مقيم في النمسا فطلبها للزواج فقبلت ، وكان حلمها أن تذهب للحج فوعدها زوجها أن يحقق لها أمنيتها وهذا ما حصل بالفعل بعد سنوات من الزواج ، فقد ذهبت مع زوجها للحج ولكنها صدمت بما رأت ، وكانت المفاجأة كما تقول هي ويقول زوجها أنها رأت المسلمين غير منظمين والجهل منتشرا بينهم بدرجة عالية ، وتعاملهم مع الإنسان قليلة الاحترام، ورأت أن حرص المسلمين على النظافة كان ضعيفا جدا ، فهم يأكلون ويرمون الأوساخ في الشوارع والأرصفة وغيرها من المشاهد التي نعلمها جميعا فقررت بعد هذه الرحلة أن تترك الإسلام وتنزع الحجاب وترتد عن الدين .
فصدم زوجها وظل يشرح لها طويلا أن هناك فرقا بين الإسلام الذي قرأتِ عنه وتعلمتِه وبين سلوك المسلمين وأخلاقهم ، وأن أخلاق المسلمين ليست مؤشرا على الدين الإسلامي ، فالمسلمون يعانون الازدواجية الأخلاقية ، وهذه قضية تربوية لها علاقة بضعف التربية الدينية في البيوت وبسبب الأنظمة التعليمية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الأسباب ، وظل يحاول ويحاول معها مع إدخال أطراف أخرى للحوار معها حتى اقتنعت بعد معاناة بأن تستمر على دينها وإسلامها وحجابها والحمد لله..
إن مشكلة الازدواجية الأخلاقية هي أكبر مشكلة نعيشها اليوم ، وأساسها تربوي فالبيت هو الأساس في إيجاد مسلم مستقيم أو مسلم منافق انتهازي متهور ، ولهذا نجد أن الآيات السياسية والاقتصادية في القرآن معدودة ، ولكن الآيات الاجتماعية والأخلاقية كثيرة وكثيرة جدا بل يكاد يكون أكثر من نصف القرآن يتحدث عن الجوانب الاجتماعية والأخلاقية..
ونلاحظ أن الآيات السياسية والإقتصادية تتحدث في التوجيه العام أما الاجتماعية والأخلاقية فتتحدث عن التفاصيل الدقيقة في الزواج والطلاق والميراث والتكافل الاجتماعي والحضانة والرضاعة وطرق الإصلاح بين الزوجين ، كل ذلك من أجل الحفاظ على الأسرة وهي المصنع الرباني الأول لتخريج المسلم الصادق.
إن أول ثماني سنوات من عمر الطفل هي أهم سنوات العمل التربوي في غرس معاني الأخلاق الصادقة والهوية الثقافية والدينية فكل مولود يولد على الفطرة ولو تم استثمار هذه المرحلة بالشكل الصحيح فإننا نضمن جيلا محافظا على دينه وصادقا في أخلاقه ومعاملته ، ولو تأملنا التجربة الروسية أيام حكم النظام الشيوعي عندما كان الإلحاد مسيطرا لسنوات عديدة ويحارب الدين علنا وسرا ولكن بعد سقوط النظام تفاجأ العالم بظهور الجمهوريات الإسلامية الكثيرة للمسلمين فأين كان هؤلاء وقت النظام السابق ؟ وكيف تربوا على التمسك بدينهم ؟ كل ذلك كان في المصنع الرباني وهو (الأسرة) ، فالأسرة في التربية والإصلاح دورها أقوى من وزارة الأوقاف ومن رابطة العلماء لو نحن أحسنا إعدادها وهذا ما كانت تتوقعه المرأة النمساوية عندما ذهبت لديار المسلمين.