(5+3) توصيات للتعامل مع الأبناء بعد الطلاق
قال : إن حياتي مع زوجتي صارت مستحيلة وقد اتخذنا قرارا بالانفصال ، وقد وصل ضرر علاقتنا إلى أبنائنا إلى حد الدمار، قلت له : كم عندك من الأبناء ؟ قال : بنتان وابن أعمارهم ثلاثة وخمسة وتسعة ، قلت : لا شك أن الأعمار الصغيرة تتأثر أكثر عند طلاق الوالدين ، ولكن بما أن الأمر كما ذكرت فإني أقدم لك بعض التوصيات لعلها تفيدك في تربية أبنائك وتساعدك في المحافظة عليهم بعد الطلاق ، قال : أتمنى ذلك ، وأعتقد أن أول سنة ستكون أصعب سنة في تربيتهم ، فابتسمت وقلت له : أول توصية سأخبرك بها هي :
أن كثيرا من المطلقين يظنون أن المشكلة التربوية للأبناء بعد الطلاق مشكلة مؤقته وعمرها لا يتجاوز السنة بينما هي ليست كذلك ، وإنما هي معاناة دائمة سترافقك حتى يكبر الأبناء ويتزوجون ، فاستغرب مما قلت وقال : لم أتوقع هذا ! قلت له : لأن مشاكلهم متجددة ففي البداية تبدأ بمشكلة المصاريف ثم التعليم ثم الزيارة والرؤية ثم مشاكل الأهل ثم مشكلة المراهقة وأخيرا مشكلة التعليم العالي أو السفر . وفي هذه الحالات لابد أن يكون لديك تنسيق قوي مع أمهم وإلا خسرت أبناءك وهذه هي التوصية الثانية ، قال : أنا أردت من طلاقي أن أرتاح ولكنك صعبت علي الموضوع ، قلت : أنا لم أصعب عليك الطلاق ، ولكن هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن تواجهها بعد طلاقك ، وكلما كان التنسيق مع المطلقة قويا صغرت مشكلتك التربوية ، فأنت بعد طلاقك تكون قد فقدت الصفة الزوجية ولكنك لم تفقد الصفة الوالدية.
قال : طيب وما هي التوصية الثالثة ضرورة التنسيق والنفس الطويل ؟ قلت : ليكن هدفك بعد طلاقك أن تربي أبناءك على الاعتماد على أنفسهم وليس على والديهم بكل شيء ، فقال : ولماذا تريد التركيز على هذا السلوك ؟ قلت : يلجأ الأبناء في أسرتهم لوالديهم في حالة ضعفهم ، إلا أن أبنائك سيعيشون في بيتين مختلفين وبالتالي يحتاجون تعلم الاعتماد على النفس ، قال : وهذه نقطة مهمة لم أفكر بها . قلت: أما التوصية الرابعة فهي : أن أغلب المطلقين يبعدون أبناءهم عن مشاكلهم فيزداد الضغط عليهم ، والصواب أن تجعل أبناءك يشاركونك في بعض المشاكل ، قال : ولكننا في هذه الحالة نكون قد أدخلناهم في معركة الحياة مبكرا ، قلت : لا وإنما تكون استثمرت المشكلة في زيادة نمو الأبناء وتربيتهم على التحمل والصبر والتفكير الذكي لعلاج المشاكل ، قال : وهذه سأسميها القاعدة الذهبية فهي مهمة جدا وخلاف ما كنت أعرف .
قلت : أما التوصية الخامسة فهي أنك تربي أبناءك على كيفية التعامل مع مشاعرهم الغاضبة لأنهم سيعيشون بمشاعر مضطربة وخاصة وقت الزيارة أو رؤية بعض أصدقائهم المستقرين في بيت واحد ، فنحسن توجيه مشاعرهم نحو أحداث الحياة ونبين لهم أن قرار الانفصال هو الصواب لأسرتهم ، فقال : أما هذه فصعبة جدا ، فكيف نقنعهم بأن قرارنا صائب ؟
قلت له : عرضت علي حالة لمطلقين كان لديهما سؤال كسؤالك هذا ، فقلت لهما عرفا ابنكما على صديق من عائلة مطلقة ليرى أنه ليس هو الوحيد في الدنيا الذي يعيش في عائلة مطلقة ، ولما تم التعارف ونفذا هذا المقترح قال لي أبوه إن شخصية ابنه اختلفت تماما وصارت للأحسن ، بل وشعر أبوه أن لديه استقرارا نفسيا أكثر من قبل ، قال : هذه فكرة ذكية ستعينني بإذن الله .
قلت له : وأحذرك من ثلاثة أمور تفعلها مع أبنائك بعد الطلاق ، قال : ما هي ؟ قلت : الأولى أن لا تردد عليهم كلمة أنتم ضحية أخطاء أمكم أو سوء سلوكها أو تصرفها حتى لا يكرهوها ، والثانية لا تكثر الإنفاق المالي عليهم بنية التعويض العاطفي الذي تعتقد أنهم فقدوه معك فإن هذا يفسدهم ويهلكهم ، والثالثة : إذا غضبت على مطلقتك أو عصت أمرك في شيء فلا تستخدم أبناءك سلاحا للضغط عليها ، قال : شكرا على هذه التوصيات الخمس و المحذورات الثلاث ، وبإذن الله سيكون طلاقي ناجحا.