(5) علامات لفحص علاقتك بالآخرين
قال : كيف أقيم نفسي في علاقتي مع أصدقائي وأحبابي ؟ قلت له : هناك علامات تستطيع أن تفحص بها علاقتك بالآخرين ، فتعرف إن كنت من المحبوبين أو من المكروهين ، وتساعدك هذه العلامات في تقييم علاقتك ، سواء كانت صداقة أو علاقة زوجية أو والدية أو حتى علاقة تجارية ، فهي مثل الترمومتر تفحص بها علاقتك الىجتماعية ، قال : طيب وكيف أحصل على هذا الترمومتر الفاحص ؟ قلت له : إن هناك علامات خمسا إذا وجدت في علاقتك بالآخرين فيعني ذلك أن العلاقة في هبوط ، وهي علاقة غير صحية وتحتاج لإصلاح وتطوير ، والعلامات الخمس هي :
أولا : ضعف الاتصال ونعني به أن يكون الضعف أو الهروب من الاتصال متعمدا من الطرف الآخر ، وتستطيع أن تكتشف ذلك بالبرود الذي تلاقيه من الطرف الذي تتصل به أو تتواصل معه ، فلا يبادلك نفس المشاعر أو يحاول الانسحاب منك بطريقة ذكية ، فهذا يعني أن العلاقة في هبوط ، أما إذا ضعف الاتصال لعذر صحي أو غيره فلا يعني ذلك سوء العلاقة.
ثانيا : الجدال المستمر وهذا دليل على ضعف المحبة وضعف قبول الطرف الآخر ، فصار كل ما يقوله مرفوضا وغير مقبول ، فلو كانت العلاقة جيدة ومستمرة وفيها محبة لما فتح لكل قضية ملفا للنقاش ، أما الجدال بين حين وآخر في القضايا التي تستحق النقاش فلا يعني ذلك سوء العلاقة.
ثالثا : الكذب وهو دليل على عدم الصراحة والشفافية في العلاقة ، واستخدام أساليب ملتوية في التعامل بسبب ضعف العلاقة وعدم الاهتمام بتطويرها وصيانتها والهروب من المواجهة ، وفي ذلك دليل صريح على سوء العلاقة.
رابعا : عدم الاحترام وهذا هو العمود الفقري للعلاقات الاجتماعية ، فإذا فقد الاحترام ظهرت الشتائم والإهانات والكذب والإهمال وإفشاء الأسرار ، وتبدأ العلاقة في هبوط حتى الموت أي موت العلاقة نفسها.
خامسا : عدم وجود ثقة وهذه من العلامات التي تساعد في هبوط العلاقة وخسارتها ، وذلك لفقد عنصر الأمان في العلاقة ، وإذا فقد الأمان فقد معه كل شيء وصارت العلاقة مزيفة غير صادقة.
فالأصل أن نجعل منحنى العلاقات في صعود دائم ، إلا أن كل علاقة لا بد وأن تمر بمطبات وحفر ومتغيرات ، حتى ولو كانت علاقة والدية أو زوجية أو صداقة أو غيرها ، وفي هذه الحالة نحتاج بين فترة وأخرى أن نعمل ما يسمى بصيانة العلاقة وإصلاحها وتحسينها وتطويرها من خلال وسائل كثيرة ، منها الهدايا والعطايا إلا أن أولها وأهمها المصارحة ، وإذا شعرنا أن العلاقة هبطت من الطرف الآخر فلا نستعجل بسرعة عودتها ، لأن العلاقة الاجتماعية مثل الشجرة حتى تزدهر وتثمر لا بد من حسن رعايتها وحمايتها من العواصف والأمراض.
فقال : إن هذه العلامات الخمس مهمة وأنا بصراحة عندي صديق وأشعر أني بدأت أفقد علاقتي معه ، ولكني حريص على تقويتها وعودتها كما كانت فماذا أفعل ؟ قلت له : اعلم أن العلاقة الطيبة بصديق أو بزوجة أو حتى بولد ليست (حظا ولكنها إنجاز) ، فالعلاقة لا تنمو وحدها ولكن تحتاج لجهد ورعاية وصيانة ومتابعة ، وبعد ذلك تأتي المحبة من الله ، ونحن غالبا في النصف الأول من عمرنا نكثر من العلاقات ، ولكن في النصف الثاني نختار الصادقين ونحافظ عليهم ونطور علاقتنا معهم.
والإنسان بطبعه اجتماعي ويحب أن يكون لديه أصدقاء ومعارف حتى يشعر بالأمان والاطمئنان ويشغل وقت فراغه ، كما أن وجود المحبين في حياة الإنسان يسهم في إشباعه عاطفيا ونفسيا ، فهذه كلها من فوائد الصداقات والعلاقات ، قال : أذكر مرة أني قرأت أن العلاقة الطيبة تسهم في شفاء الأمراض فهل هذا صحيح ؟ قلت له : نعم هذا صحيح وتكسبك التعلم كذلك ، وأهم من هذا كله شعورك بالسعادة بأن لديك إنسانا يحبك ويهتم بك ويتمنى لك الخير ، فإذا وجدت ذاك الإنسان فتمسك به واحرص عليه وقوِّ علاقتك به فإن وجوده في حياتك سيجعل لها طعما مختلفا ، فالصداقة استثمار والعلاقة الطيبة إما أن تنفع أو أن تشفع.