(6) علامات لتماسك أسرتك أو تفككها ؟
هل هذه العائلة التي سأعرضها عليكم متماسكة ومستقرة أم مفككة؟ تعرفت علي عائلة الأب فيها مشغول بتجارته وجمع المال للأسرة والأم لديها مشروع تجاري تبيع الحلويات من خلال الشبكات الإجتماعية ولديهم أربعة أبناء أكبرهم 16 سنة وأصغرهم عمره 4 سنوات، لا يجتمعون علي وجبة باليوم وقليل ما يجلسون مع بعض ، ونادر ما يتحدث الأب مع أبنائه، والأم تتابع الأبناء من خلال العاملة في المنزل وأحيانا تجلس مع الأبناء،
قد يظن الأب أنه إذا جمع مالا كثيرا وتظن الأم أنها إذا انشغلت عن تربية أبنائها بعمل مشروع تجاري علي الشبكات الإجتماعية وفوضت العاملات والمدارس والحضانات بتعليم أبنائها وتربيتهم فهذا يعني أنهم أسرة مستقرة وليست مفككة، إن مفهوم تفكك الأسرة صار مختلفا اليوم مع التطور التكنولوجي وتسارع الزمن، فقد تكون أسرة مطلقة ولكنها مستقرة، وقد تكون أسرة ليس مطلقة ويسكنون في بيت واحد ولكنها أسرة مفككة!
ولهذا فإننا نطرح سؤالا مهما في هذا المقال وهو كيف نستطيع أن نحكم علي أسرة بأنها مستقرة أو مفككة ؟ والجواب علي هذا السؤال بخمس علامات وهي : الأولى وجود الأمن العاطفي والجسدي في الأسرة، وهذا يعني أنه عندما يعيش أحد أفراد الأسرة في البيت ويشعر بالراحة والطمأنينة وأنه لا يتصنع أو يجامل، وإنما يعيش نفسه كما هي ويكون مرتاحا في التعامل مع أفراد الأسرة، فلا يخاف من الغضب ولا يعاني من القلق، والعلامة الثانية هي وجود الدعم الإيجابي في الأسرة وهذا يعني سماع الكلمات الإيجابية لدعم الزوجين لبعضهم البعض ودعم الوالدين للأبناء بالمدح والثناء علي أنجازاتهم، أو محاربة النفسية التشاؤمية أو السلبية من خلال التوجيه والنصيحة لتعيش الإسرة في التفاؤل حتى في حالة الفشل أو المرض أو وجود مصيبة أو ابتلاء، والعلامة الثالثة هي وجود نظام وقواعد ثابتة في الأسرة ويتم الإتفاق بين الزوجين علي هذه القواعد وتطبيقها على أفراد الأسرة، مثل الحرص علي الصلاة بوقتها والإهتمام بالتعليم والتفوق الدراسي ومعرفة أوقات الطعام والراحة ونظام للصداقة ونظام التعامل مع الشاشات والهواتف النقالة وهكذا،
والعلامة الرابعة هي وجود تواصل سليم وصحي بين أفراد الأسرة من خلال الحديث والحوار مع بعضهم البعض، ففي الأوقات الجيدة يتحدثون مع بعض وفي أوقات الصعبة والتوتر يحسنون استيعاب بعضهم البعض إلى أن يتجاوزوا المشكلة، وهذا يتطلب تشجيع أفراد الأسرة علي التعبير عما في نفوسهم ومساعدتهم علي ذلك والإلتزام بآداب الحديث من استماع جيد وعدم المقاطعة، ووجود الأحاديث الفكاهية والممتعة عند اجتماع العائلة، والعلامة الخامسة وجود المحبة والتضحية بين أفراد الأسرة سواء كانت بين الزوجين أو مع الأبناء وإظهار هذه المشاعر في الأسرة من خلال الإهتمام والحوار والمساعدة وتقديم الدعم المالي أو المعنوي
فهذه هي العلامات الخمسة لو وجدت في أي أسرة فإننا نحكم علي هذه الأسرة بأنها مستقرة وليست مفككة حتى ولو كانت الأسرة مطلقة أو كان ظروف عمل الزوج أنه كثير السفر أو كان أحد الأبناء من ذوي الإحتياجات الخاصة، وقد رأيت كثير من الأسر يسكنون في بيت واحد ولكنها أسرة مفككة لأن هذه العلامات الخمسة غير متوفرة، وهي عدم وجود أمن عاطفي وجسدي وعدم وجود دعم إيجابي وعدم وجود نظام يحكم الأسرة وعدم وجود تواصل وحوار صحي فيها وفقدانها للمحبة والتضحية، وعندما نطبق هذه العلامات علي الأسرة الغنية التي تحدثت عنها في مقدمة المقال فإن النتيجة تكون بأنها أسرة مفككة علي الرغم من أنهم يعيشون مع بعض في بيت واحد ووالوالدين ناجحين في الحياة، فإذا أضفنا لهذه العلامات الخمسة علامة سادسة وهي الأهم بأن يكون للأسرة مرجع يرجعون إليه وقت الخلاف والإختلاف ويكون هذه المرجع هو البوصلة التي يحتكمون لها ويطبقونها فإن هذه الأسرة تكون سعيدة ومستقرة وهذا المرجع هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه السلام