هل جربت أن تعالج مشكلتك (بهدية)
غضبت زوجته عليه فحاول أن يصالحها من خلال رسائل الإعتذار كمحاولة لعودة المياه لمجاريها، ولكنها مصممة علي موقفها الغاضب منه وعدم الحديث معه، ففكر بطريقة ثانية كي يكسب ودها وقلبها ويصلح العلاقة بينهما من خلال تقديم هدية ثمينة غير متوقعة لها، لعلها تكون سببا في عودة العلاقة مرة أخرى وعلاج الخلاف الذي حصل بينهما، ولكن المشكلة التي واجهته هي ما هي الهدية التي تناسبها وهي امرأة غنية وعندها كل شيء، وبينما هو يفكر في الهدية قفز من مكانه وقال لنفسه وجدتها، فهي لم تحج بحياتها وأجمل هدية يقدمها لها أن يدعوها للحج فتكون قد أكملت ركنها الخامس ويكون هو قد عالج مشكلته الزوجية، فارسل لها رسالة مضمونها تقديم هدية الحج لها بأن يحج معها هذا العام، يقول صاحبنا هذا كنت في المرات السابقة إذا أرسلت أي رسالة للإعتذار فإنها ترفض، ولكني لما قدمت لها (هدية الحج) سكتت ولم ترد علي، لعلها توافق علي قبول الهدية وتكون سببا في رد العلاقة واستمرار حبنا من جديد
هذه الحادثة ذكرها لي الزوج وما زال ينتظر ردة فعل زوجته علي الهدية التي قدمها، ولكن فكرة الهدية لإصلاح أي علاقة بين طرفين مهمة جدا لأنها ترطب الأجواء وتظهر حسن الظن والرغبة في عودة العلاقة، فالهدية قد تكون رمزا للشكر علي عمل أو اعتذارا عن خطأ، أو لبيان قيمة شخص في الحياة أو لتقوية العلاقة بين طرفين أو لتعميق المحبة، أو قد تكون الهدية إهانة لشخص مثل أن تقدم هدية لشخص سمين ملابس ضيقة فيفهما كأنك تستهزئ به،
وقد تسبب لك الهدية مشكلة إذا لم تحسن اختيارها، فأنا أعرف شخصا تم إهداؤه هدية فاحتفظ بها ثم قدمها لنفس الشخص الذي أهداه الهدية لمناسبة عنده بسبب ولكنه تبين له بعد ذلك أن هذا الشخص هو الذي أهداه هذه الهدية منذ زمن ولكنه نسي، وأعرف شخص آخر متزوج من امرأتين فكلما أحضر هدية لزوجته الآولى تنكد عليه حياته وتقول له أنا أعرف أنك تحب أن تعدل بيني وبين الثانية وأكيد أنت اشتريت هدية لها، وقصص الهدايا كثيرة ولكن ما يهمنا كيف نستثمر الهدية في حب الآخرين لنا حتى ولو كانوا أغنياء ففي الأمثال (أنا غنية وأحب الهدية)، ورسولنا الكريم عليه السلام قال (تهادوا تحابوا)
فالنساء في الغالب أقدر من الرجال على اختيار الهدايا ويستمتعون أكثر بتغليفها وعمل المفاجآت المصاحبة للهدية والتفنن في كتابة الكلمات والرسائل مع الهدية، ولهذا (بلقيس) فكرت أن تختبر سليمان عليه السلام بهدية فتعرف هل هو نبي أم ملك، فلو قبل الهدية فهو ملك وإن رفضها فهو نبي، فالهدية رسالة ولغة وقيمة الهدية ليست ذات أهمية كثيرة لأن الأهم من القيمة أنك فكرت في الشخص المهدى له، فكونك فكرت به وأشتريت له هدية فهذا يعني أنه يهمك أمره وتحب أن تستمر علاقتك معه، والآن نحن مقبلون علي شهر رمضان المبارك ومن العادات الجميلة عندنا تبادل الهدايا بين الجيران بطعام الإفطار والحلويات فتكون هذه الهدية سببا في تقوية العلاقة بين الجيران، وأعرف عائلة مسلمة تسكن بأمريكا وكل يوم تهدى جيرانها الغير مسلمين من طعام الفطور في شهر رمضان فكانت هذه الهدية سببا في تعرفهم للإسلام والدخول فيه فشهر رمضان هو شهر الخير
ولعل من طرائف هذا الموضوع أن القاضي ابن الزبير في العهد العباسي ألف كتابا سماه (الذخائر والتحف) وهو من أهم وأشمل الكتب المتخصصة بأخبار تبادل الهدايا والتحف وذكر الكنوز وغرائب المقتنيات وتوريث الثروات ونفقات الأموال بالمناسبات السعيدة عند العرب من العصر الساساني إلي العصر الفاطمي في العالم الإسلامي من السند إلي الأندلس، فكما أن الصداقة الطيبة أجمل هدية فكذلك الهدية بين الأصدقاء أجمل وسيلة للحفاظ علي الصداقة والعلاقة