كيف تطور ذاتك برمضان ؟
هل تعلم بأن شهر رمضان المبارك يساهم في تطوير ذاتك وتنمية مهاراتك؟ فأصل كل فعل وعمل تعمله هو فكرة أو خاطرة فهذه هي البداية ثم تتحول الفكرة إلي عمل، وإذا كررت أفعالك وأعمالك تحولت إلي روتين وبالتالي صارت عادة، وإذا استمرت العادات تحولت إلي أطباع، والطبع صفة دائمة بالشخص يعرف بها، فنقول فلان طبعه عصبي أو أناني أو بخيل فإذا أردنا أن نغير هذه الصفة فيه فلا بد أن نرجع للخطوة الأولى وهي أن نغير الفكرة أو الخاطرة التي عنده، لأن الفكرة تتحول لفعل والفعل يتحول لعادة والعادة تتحول لطبع، فهي أربع خطوات من الفكرة إلي الطبع
وشهر رمضان يغير روتين الإنسان وعاداته ولهذا هو صعب علي بعض الناس لأن أكثر الناس متعودين علي روتين معين وعادات محددة في حياتهم، ورمضان يغير جدول الإنسان ويومياته فجدول النوم والطعام والراحة والعمل والزيارات كله يتغير، ولهذا الصائم يكتشف قدراته ومواهبه في نفسه بشهر رمضان، وأحيانا يفاجأ بما لديه من قدرات في التحمل والصبر وضبط النفس، ولهذا قال أحمد شوقي : ” الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع، ولكل فريضة حكمة ، وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة ، يستثير الشفقة ، ويحض على الصدقة ، ويكسر الكبر ، ويعلم الصبر ، ويسن خلال البر ، إذا جاع من ألف الشبع ، وحرم المترف أسباب المتع ، عرف الحرمان كيف يقع ، والجوع كيف ألمه إذا لذع “،
فرمضان هو دورة تدريبية لتطوير الذات وتنمية القدرات، وتدريب الإنسان علي زيادة مقاس الصبر وتحمل شهوات النفس وملذاتها، ورمضان يعلمنا ضبط النفس والتحكم بالذات ولهذا قال أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائمٌ – مَرَّتَيْنِ – ……) جزء من حديث نبوي
وفي رمضان تكثر الخلوات والجلسات الفردية مع الذات من خلال قراءة القرآن والصلوات أو انتظار لحظات الإفطار، وهذا الحوار مع الذات مفيد جدا لتنظيم الحياة واتخاذ قرارات استراتيجية لا يمكن للواحد منا أن يتخذها وهو مشغول الذهن والعمل، فرمضان يعطينا فرصة ذهبية للحوار مع الذات والنفس، وهذا الحوار يجعل الإنسان متصالح مع نفسه فيراجع أخطائه ومواقفه وسلوكه ويتخذ قراره الإستراتيجي بالتغيير، فكم من شخص تاب في رمضان وآخر ترك المحرمات وثالث كان رمضان له فرصة لترك الدخان ورابع قرر تخسيس وزنه وخامس قرر صلة أرحامه بعد قطيعة وغيرهم ممن كان رمضان فرصة ذهبية في تغييرهم
فرمضان شهر التقوى والصبر والناس في التقوى والصبر أربعة أصناف كما ذكر صاحب مجموعة الرسائل والمسائل فالصنف الأول : هم أهل التقوى والصبر فهم يجمعون بين التقوى والصبر وهم خير الأصناف والذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة، والصنف الثاني : من عندهم تقوى ولكنهم فاقدين للصبر وهم الذين يصلون ويصومون ويقومون بالعبادات ولكن إذا نزلت عليهم مصيبة أو ابتلاء أو محنة في أموالهم أو أولادهم أو أنفسهم أو في صحتهم فتجدهم يخافون ويجزعون ويهلعون وكأن الدنيا انتهت بسبب هذه المصيبة التي نزلت عليهم، والصنف الثالث : من يمتلكون الصبر ولكنهم يفتقدون التقوى وهؤلاء في الدنيا كثيرون، مثل بعض الناس الذين يسرقون ويسعون للرياسة والعلو وعشاق ارتكاب الحرام والصور المحرمة فتجد عندهم صبر يستمر لمدة سنوات ولكنهم لا يخافون من الله ويعملون المنكرات وهمهم الوصول لهدفهم الشخصي ولو كان فيه ظلم للآخرين، والصنف الرابع : من لا يتقون ولا يصبرون وهذا شر الأصناف، فلا يصبرون عند المصيبة والإبتلاء وتجدهم يظلمون الناس ولا يخافون الله وهؤلاء هم أسوء الناس، ولهذا شهر رمضان المبارك يربي في الإنسان أن يكون من الصنف الآول وهو من أهل التقوى والصبر ولهذا قال تعالى ( كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون)