تدخل الأب في هذه الحالات خطأ ؟
قال : زوجتى كلما حدثت مشكلة بيننا كلمت والدها ليتدخل في حل الخلاف بيني وبينها وهذا الأمر أزعجني كثيرا، وأكثر من مرة أقول لها لا تدخلي أحدا بيننا ولكنها لا تسمع كلامي وغير مقتنعة به، وأريد أن أعرف متى يكون تدخل الأب في حياة ابنته صحيحا ؟ قلت له : كم سنة من تزوجت ؟ قال : خمس سنوات، قلت : وكم مرة طلبت زوجتك من أبيها التدخل ؟ قال : كثير جدا لا تصدق لو قلت لك أن والدها شهريا يتدخل في حياتنا بطلب منها، قلت : الأصل أن الأهل لا يتدخلون في حياة أبنائهما بعد زواجهما، وتكون مهمتهم التربوية انتهت حتى يعطون للأبناء فرصة أن يديروا حياتهم بطريقتهم الخاصة، فالأصل أن المتزوج يكون انسانا ناضجا ويعرف مصلحته ويحسن التعامل مع مشاكله،
قال : ولكن ما تقوله لا ينطبق علي زوجتي، قلت : إن الخلاف بين الزوجين في بداية الزواج أمر طبيعي وفيه فوائد كثيرة، منها أن كلا الزوجين يتعرفون علي بعضهما من خلال الخلاف، ويعرف كل واحد منهما شخصية الآخر وطريقته في حل المشاكل، فالخلاف والمشاكل تساعدهما علي ايجاد صيغة واتفاق بينهما لإستمرار الحياة الزوجية والتفاهم مع بعض في الحالات العادية أو وقت المشاكل والخلاف، أما لو لم يستطيعا علاج المشكلة فلا مانع من إدخال طرف ثالث بشرط أن يكون حكيما، سواء كان الأب أو الأخ أو الأم أو مستشار وخبير، فالمهم أن يكون أمين وحكيم ولديه خبرة في الحياة حتي يكون سببا في علاج المشكلة لا في زيادة تعقيدها ، وتكون لديه مهارات الإقناع والتوجيه علي تمارين المسامحة والعفو وتعريف كلا الزوجين بطبيعة الحياة الزوجية
ولكن المهم أن لا يكون طلب التدخل من الأب أو من غيره علي كل مشكلة أو على أول مشكلة، إلا في حالة واحدة استثنائية فقط وهي لو كانت المشكلة متعلقة في المخدرات أو الإدمان أو الإلحاد أو العنف ولا يعرف الطرف الآخر كيف يتعامل مع المشكلة، ففي هذه الحالة لامانع من طلب التدخل السريع، أما لو كانت خلافات بسيطة ومتكررة وقد حاول أحدهما أكثر من مرة لحل الخلاف ولم يصل لحل متفق عليه، ففي هذه الحالة يمكن إدخال طرف ثالث يكون حكيما ويعرف كيف يتعامل مع الخلافات الزوجية ويعرف كيف يصغر المشكلة لا أن يكبرها، ويكون عنده مهارات التراضي والتوفيق بين الطرفين والوصول لصيغة اتفاق بينهما،
وفي الغالب نحن نفضل عدم تدخل الأب أو الأهل إذا لم يكونوا منصفين لأنهم في الغالب سينحازون لإبنهم أو ابنتهم، وهناك معلومة مهمة تميل لها المرأة ويصعب علي الرجل فهمها، وهي أن المرأة في الغالب تحب أن تستشير وتستفيد من الآخرين ولا ترى في ذلك عيب أو نقص بينما الرجل يرى ذلك نقصا في شخصيته، ولهذا نلاحظ أغلب الرجال يرفضون الإستشارة الزوجية لسببين، إما أنه يرى أنها تنقص من قدره لأنه لم يستطع علاج المشكلة أو لأنه لا يريد أي شيئ من حياته الخاصة يخرج للآخرين لأنها تهدد سمعته،
وأذكر أن أحد الآباء اعترض وقال أليس من حقنا الإطمئنان علي حياة ابنتنا مع زوجها ؟ فقلت له : نعم من حقك، ولكننا نفرق بين التدخل وبين الإطمئنان، فالإطمئنان يعنى السؤال، والتدخل يعني اتخاذ موقف والكلام مع الطرف الآخر وتوجيهه أو تحذيره وهذا ما لا نريده إلا في حالات خاصة يكون التدخل فيها إيجابيا، ومن أخطاء الآباء أنهم يأخذون ابنتهم من بيت الزوجية وهذا تصرف خاطئ ولا يحق لهم إلا في حالة واحدة وهي أن يخشى عليها من ضرر الزوج وتفقد العيش الآمن معه